كما جاءت في صفاته- يجب أيضا أن يحارب من الشيوعية, ولكن يجب أن تكون الحرب ضد الدين أعنف وأقسى، وأن يكون أسلوب الدعاية إزاءه أشد في البذاءة والسخرية؛ لأنه يسود عقلية الجماهير في أية جماعة لها دين، بعكس الأخلاق ومناهجها الفلسفية فهي قاصرة على خاصة الناس! وعندما تنزل الدعاية الشيوعية مجال المبادئ الدينية تستهتر بها استهتارا شنيعا، وعندما تنزل مجال رجال الدين تزدري بهم، وتسف في وصف رسالتهم!! وهي في مجال الدين عامة، لا تفرق بين الدين كمبادئ وبين أفهام التابعين له في الأجيال التي مرت عليه. ثم هي لا تفرق مع ذلك بين الأفهام المنحرفة في الدين على أنها الدين في واقع الأمر!! وهي لا تخلط في ذلك عن عدم فهم، وإنما تقصد إلى هذا الخلط قصدا, لتصل إلى الاستخفاف والازدراء بالدين وبرجاله معا!
- ووضعية المرأة في الأسرة، وفي المجتمع القائم على القيم الثابتة في الأخلاق والدين أو على التقاليد المعروفة فيه -تنال نصيبا كبيرا من عناية الدعاية الشيوعية ضدها، وتهدف هذه الدعاية في محيط المرأة إلى "تحريرها"- أي: إلى "عزلها" عن كل "القيود" الماضية!! والقيود الماضية في نظرها هي: أوضاع المرأة في علاقتها بالرجل في الأسرة وفي مكانها فيها كأم، وفي مكانها في المجتمع الذي تعيش فيه كعضو من أعضائه، حسب القيم الأخلاقية والدينية والتقاليد المتبعة!!
ثم تقصد بعد هذا التحرر إلى أن تضعها من جديد في مجتمع له نظرة إلى الحياة الجنسية، وإلى حياة الأسرة، وإلى القيم الاجتماعية!! وهذه النظرة أن تروض المرأة على أن تؤدي ما يطلب منها كامرأة في مقابل الرجل، وكعضو في المجتمع، دون قيد خاص، إلا قيد "الإنتاج" بما تستطيع من إنتاج كامرأة، وكعضو في المجتمع!! وهي كامرأة موضع لقاح الرجل، وعليها بعد أن يستوي هذا اللقاح عندها أن تقدمه وتقذف به للدولة بدون عنوان خاص يحمله!! وهي كعضو في المجتمع عليها أن تنتج ما يحدد لها إنتاجه من الدولة!!
- والاستخفاف بالطبقة المفكرة، وأصحاب المزارع، وبأصحاب رءوس الأموال في الصناعة -من جانب، وتمجيد عمل "اليد" أو الأيدي والسواعد العاملة، أو تمجيد العمل البدني والجسمي من جانب آخر- مظهر آخر من مظاهر الدعاية الشيوعية؛ لأن أصحاب العمل البدني في كل جماعة إنسانية هم الكثرة، أو هم الجماهير بالقياس إلى من عداهم. والدعاية الشيوعية تعتمد على هذه الكثرة؛ لأنها كثرة في ذاتها، ثم