فهل نقل هذه المذاهب الفلسفية، المؤيدة أو المعارضة للدين على السواء، إلى بيئة أخرى -كالبيئة الإسلامية مثلًا- غير أوروبية في الطابع، والاتجاه، والتقاليد يعتبر ذا جدوى من الوجهة الفكرية؟!
وهل القارئ المسلم يستطيع عندئذ أن يسير بتفكيره، ويتابع خطوات النقاش مع المؤيدين أو المعارضين، فيما ساقوه من آراء لترجيح كفة "الدين" أو ضد "الدين"؟!
وهل ستوجد هناك "انفصالية" ذهنية بين المنقول من هذا الجدل الفكري الأوروبي، وبين واقع الحياة التي نقل إليها، وهي الحياة الإسلامية؟
وهل المؤيد للدين هناك باسم هذه المذاهب المؤيدة، وكذا المعارض له هناك أيضا باسم المذاهب المعارضة منها، يكون هنا في المجتمع الشرقي الإسلامي أكثر من "حاك" و"مردد" لشيء يبعد كثيرًا عن واقع الحياة التي يردد فيها ما ينقل ويحكى؟؟ ١.
- وكانت السياسة في أوروبا عاملا أيضا من عوامل الجدل الفكري ... وكانت "الكنيسة"، وكانت "البابوية" تلعب دورا في الحياة السياسية، وكان لها أنصار ومؤيدون يبررون دورها في الحياة السياسية، وكان لها معارضون يشنون عليها حملة من الهجوم، وعلى ما تنتسب إليه وتستمد منه قيمتها وهو الدين.
- وكانت الثقافة في أوروبا من عوامل الجدل الفكري ... وكانت الكنيسة ترسم دور الثقافة، وتحدد نطاقها، وموادها، وغاية التثقيف الإنساني، وكان لدور الكنيسة هذا في الثقافة الإنسانية معارضون، ومؤيدون.
وجاءت "المثالية" الغربية لبعث قيمة العقل الإنساني، الذي قدره الإغريق في فلسفتهم، وجاء عصر "التنوير" في النصف الثاني من القرن
١ كمثال واضح لهذا ما عنون له بـ"الدين والكهانة" في كتاب "من هنا نبدأ" ص٢٢-٢٤، فهو منقول عن كتاب الغرب الماديين الاشتراكيين ضد الكنيسة الكاثوليكية، وما ورد فيه من عبارات تتصل بالمجتمع الإسلامي، بقيت في عزلة فكرية تامة عما تجاوره من المنقول!