يكون له مجال أوسع، يتناول المثقفين وغيرهم من طبقات الجماعة؛ لأنه كما ذكرنا له جانب أكاديمي وجانب آخر شعبي
ولو أن الإصلاح الديني، في مقابل ذلك كان متتابعا، وله دعاة يزداد عددهم بانقضاء الزمن، وكان متنوعا في مجال الفكر الأكاديمي، وفي مجال الدعوة الدينية، لرجح جانب الإسلام في الاحتكاك مع الصليبية والماركسية، ولاستطاع -بعد فترة قصيرة في حياة الأمم- أن يملأ ذلك "الفراغ" سواء في حياة العامة أو حياة الخاصة، ولكن انقطاع الإصلاح في الفكر الإسلامي، وظهوره من فترة إلى أخرى, مضافا إلى قلة أعوانه، وضيق نطاقه، يجعل من الصعب التنبؤ بالنتيجة الأخيرة لهذا الاحتكاك، وإن كان يجعل من السهل تصور طول الزمن الذي سيمر به كفاح الإسلام, وكذا تصور المرارة التي يحملها هذا الكفاح إليه.
أما أنه من الصعب التنبؤ بالنتيجة الأخيرة لهذا الاحتكاك، فإن يقظة الوعي الإسلامي -وإن كانت لا تقوم على فهم سليم للإسلام أو على قوة الإيمان به إلى حد التضحية في سبيله، بل تقوم أكثر على تعصب المسلمين له، كمصدر ينتسبون إليه- وتزايده، كلما اشتدت صليبية الغرب أو ماركسية الشرق ضغطا على المسلمين، ولا يسهل احتمال "سقوط" الإسلام في ميدان هذا الاحتكاك.
أما طول الزمن الذي يجب أن يمر به كفاح الإسلام، وأما شدة المرارة التي ينتظر له أن يذوقها في صراعه مع الصليبية والماركسية, فذلك مرتبط بوضع الإصلاح في الفكر الإسلامي قوة وضعفا، وهذا الإصلاح نفسه مرتبط في حاله، بالقائمين بشأنه، وبالمؤسسات الإسلامية، التي لها طابع البحث أو الدعوة في مجال التعاليم الإسلامية.
وفي مقدمة هذه المؤسسات: الأزهر.
هناك ضعف لا شك فيه:
- إن قبول بعض الكتاب المسلمين -هنا في الشرق الإسلامي- تفكير القرن التاسع عشر الاستشراقي والمادي الإلحادي، وقبولهم أيضا هجوم بعض كتاب الغرب في القرن السابق على الكنيسة الكاثوليكية هناك، ومحاولتهم تطبيق ذاك الهجوم هنا على الإسلام والعلماء، وتأثر كثيرين بهذه المحاولة، ليس آية فحسب على وجود "الانفصالية" في