مات جمال الدين في سنة ١٨٩٧م، بعد صراع عنيف مع الاستعمار الغربي استمر قرابة ثلاثين عاما، ولكن ما أن توفي -عليه رحمة الله- حتى انتشر كفاحه واتجاهه في التفكير في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وبخاصة في تلك الأنحاء التي تسلط فيها الأجنبي وعبث بمقدسات المسلمين وبكراماتهم واقتصادياتهم ومواردهم في الثروة الطبيعية.
مات جمال الدين في استانبول، وظهر أثره.
-في مصر: عند محمد عبده ومدرسته "السلفية".
- وفي الجزائر: في جمعية علماء الجزائر "لمؤسسها المرحوم عبد الحميد بن باديس المتوفى سنة ١٩٤٠م".
- وفي أندونيسيا: في حركة تجديد "المنار".
- وفي الهند: جماعة أهل الحديث. وفي ندوة العلماء "لمؤسسها محمد شبل النعماني المتوفى سنة ١٩٤١م" وفي أزهر الهند: في مدرسة دار العلوم في "ديوبند"، والتي نقلت بعد تقسيم ١٩٤٨م "إلى أكوري" ببشاور في الباكستان.
وفي كل هذه الحركات نجد هدفا واحدًا: هو تحرير الوطن الإسلامي من الاستعمار الغربي، ومحاربة الاتجاه الاستعماري في التفكير ثم نجد مع هذا الهدف، الوسائل لتحقيقه.
- أما تحرير الوطن الإسلامي من الاستعمار الغربي في كل هذه الحركات: فيعتمد على استرجاع قوة المسلمين في تكتلهم وتآخيهم. واسترجاع هذه القوة يعتمد بالتالي على طرح ما طرأ على الإسلام من عادات غريبة في السلوك، وأفهام سقيمة في تخريج نصوصه وشرح تعاليمه. ثم على الرجوع إلى موقف المسلمين الأول من القرآن في استلهامهم التوجيه منه مباشرة، لطبع تصرفاتهم بالطابع الإسلامي من جهة ولوصولهم إلى الغاية التي ينشدونها في أمان وسرعة من جهة أخرى.
- وأما محاربة الاتجاه الاستعماري في التفكير، فبالوقوف في وجه الشبه التي تثار، والتخريجات المغرضة لنصوص مصدري الإسلام: القرآن والسنة الصحيحة. وبيان محاولات تزييفها بالأسلوب العلمي والتاريخي، وتصحب ذلك محاولة تقريب مبادئ الإسلام من العقلية