وأسلوب الكفاح، أن الأولى له -لعدم تبديد نشاطه وقوته- أن يتوفر على الجانب الذي توفر عليه أخيرًا، وهو الجانب الإسلامي الفكري والتربوي.
ومنذ هذا الحين الذي اعتزل فيه الشيخ عبده الإسهام في قيادة الجانب القومي وترك الزعامة فيه لغيره، واحتضن الجانب الإسلامي -تفكيرا، وتعليما، وإحياء- منذئذ عرف في تاريخ الحركات الإسلامية في العالم العربي خاصة، أن لكل من الجانبين: الوطني والديني زعماء باشروا قيادته وتوجيهه:
- عرفت "للشيخ محمد عبده" مدرسة، وعرف له أتباع وتلاميذ.
- كما عرف لـ"مصطفى كامل" أنصار وأشياع.
ولكن هذا الفصل بين الجانبين، يرجع إلى تنظيم الجهود الوطنية في مقاومة الاستعمار الغربي، أكثر من أن يهدف إلى تحديد مناطق نفوذ بأن تكون للدين منطقته وللسياسة منطقتها، ولم يعرف لأي اتجاه قومي أصيل في العالم العربي خاصة، منذ أخريات حياة الشيخ محمد عبده حتى الآن، أنه يحاول قصر الإسلام على "ضمير الفرد" وإبعاده من علاقة الفرد بالفرد في الجماعة، أو في علاقة الأفراد بالدولة، أو في علاقة الدول بعضها ببعض!
ولقد أسس "مصطفى كامل" حركته لمقاومة الاستعمار البريطاني في مصر على أمرين رئيسيين:
- على خلق الوعي الوطني.
- والوعي الإسلامي.
وكان من رأي "مصطفى كامل" أن التعليم العالي، والتعليم الجامعي على الأخص، هو وسيلة إيجاد الوعي الوطني.
أما إيقاظ الشعور الإسلامي، وربط مصر بالعالم الإسلامي الخارجي على أساس من التذكير بتعاليم الإسلام، فقد وكل أمره إلى الصحافة. على أن تسهم أيضا في تقوية الوعي الوطني المصري.
وقد اختلف مصطفى كامل مع الشيخ محمد عبده فترة من الوقت. ولكن لم يكن مرجع هذا الاختلاف إلى أن الشيخ عبده كان يدعو إلى التمسك