للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن يجد قلبه عند قبر الرسول أكثر محبة له وتعظيما، ولسانه أكثر صلاة عليه وتسليما مما لا يجده في سائر المواضع، كان ذلك دليلا على أنه ناقص الحظ منحوس النصيب من كمال المحبة والتعظيم وكان فيه من نقص الإيمان وانخفاض الدرجة بحسب هذا التفاوت، بل المأمور به أن تكون محبته وتعظيمه وصلاته وتسليمه عند غير القبر أعظم فإن القبر قد حيل بين الناس وبينه.

فمن لم يجد إيمانه به ومحبته له وتعظيمه له وصلاته عليه وتسليمه عليه إذا كان في بلده أعظم مما يكون لو كان في نفس الحجرة من داخل، فهو ناقص الحظ من الدين وكمال الإيمان واليقين، فكيف إذا لم يكن من داخل بل من خارج؟ هذا والله أعلم (١).

٣ - أن عدم تخصيص النبي للقبر بالسلام ولا بغيره من العبادات هو لما في ذلك من مظنة اتخاذه وثنا أو عيدا فيفضي ذلك إلى الشرك، والمعروف عنه أنه حريص على سد كل ذريعة قد توصل إلى الشرك.

وسيأتي توضيح هذه المسألة في النقطة الثالثة بإذن الله.

النقطة الثانية: الأحاديث الواردة في زيارة قبره كلها موضوعة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لم يثبت عن النبي حديث واحد في زيارة قبر مخصوص، ولا روى أحد في ذلك شيئا، لا أهل الصحاح ولا السنن ولا الأئمة المصنفون في المسانيد كالإمام أحمد وغيره، وإنما روى هذه الأحاديث من جمع الموضوع وغيره" (٢).

وقال أيضا: "وأما قوله: "من زار قبري فقد وجبت له شفاعتي". وأمثال هذا الحديث مما روي في زيارة قبره فليس منها شيء


(١) الرد على الأخنائي (ص ٩٧ - ٩٨).
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم (ص ٤٠٠).

<<  <   >  >>