للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صحيح (١)، ولم يروها أحد من أهل الكتب المعتمدة لا أصحاب الصحيح كالبخاري ومسلم. ولا أصحاب السنن كأبي داود والنسائي ولا الأئمة من أهل المسانيد: كالإمام أحمد وأمثاله، ولا اعتمد على ذلك أحد من أئمة الفقه كمالك والشافعي وأحمد، وإسحاق بن راهويه، وأبي حنيفة، والثوري، والأوزاعي وأمثالهم.

بل عامة هذه الأحاديث مما يعلم أنها كذب موضوعة، كقوله "من زارني وزار أبي في عام واحد ضمنت له على الله الجنة" وقوله "من حج ولم يزرني فقد جفاني" فإن هذه الأحاديث ونحوها كذب.

وقال أيضا: وما ذكروه من الأحاديث في زيارة قبر النبي فكلها ضعيفة باتفاق أهل العلم بالحديث، بل هي موضوعة لم يرو أحد من أهل السنن المعتمدة شيئا منها ولم يحتج أحد من الأئمة بشيء منها، بل مالك - إمام أهل المدينة النبوية الذين هم أعلم الناس بحكم هذه المسألة - كره أن يقول الرجل زرت قبره ولو كان هذا اللفظ معروفا عندهم، أو مشروعا، أو مأثورا عن النبي لم يكرهه عالم المدينة (٢).

ومما يوضح هذا أنه لم يعرف عن أحد من الصحابة أنه تكلم باسم زيارة قبره لا ترغيبا في ذلك ولا غير ترغيب، فعلم أن مسمى هذا الاسم لم يكن له حقيقة عندهم (٣).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا أعرف عن أحد من الصحابة أنه


(١) جمع الإمام الحافظ محمد بن أحمد بن عبد الهادي في كتابه "الصارم المنكي في الرد على السبكي"، الأحاديث التي وردت في زيارة قبر النبي وبين درجتها ورد على من احتج بها، وكذلك الشيخ حماد الأنصاري في رسالة له سماها كشف الستر عما ودد في السفر إلى القبر الأحاديث الواردة في هذه المسألة وبين حكمها.
(٢) الجامع الفريد - كتاب الزيارة (ص ٣٩٥، ٣٩٦).
(٣) الرد على الأخنائي (ص ١٣٧).

<<  <   >  >>