للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر قوله : "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله على روحي حتى أرد " (١).

ولهذا أكثر كتب الفقه المختصرة التي تحفظ ليس فيها استحباب زيارة قبره مع ما يذكرون من أحكام المدينة.

وإنما يذكر ذلك قليل منهم، والذين يذكرون ذلك يفسرونه بإتيان المسجد كما تقدم.

ومعلوم أنه لو كان هذا من سنته المعروفة عند أمته المعمول بها من زمن الصحابة والتابعين لكان ذكر ذلك مشهورا عند علماء الإسلام في كل زمان كما اشتهر ذكر الصلاة عليه والسلام عليه، وكما اشتهر عندهم ذكر مسجده وفضل الصلاة فيه، فلا يكاد يعرف مصنف للمسلمين في الحديث والفقه إلا وفيه ذكر الصلاة والسلام عليه وذكر فضل مدينته والصلاة في مسجده (٢).

فالمعنى الذي أراده العلماء بقولهم: "يستحب زيارة قبر النبي " أو قولهميستحب السفر لزيارة قبره" - كما هو موجود في كلام كثير منهم عند ذكرهم للحج - هو السفر إلى مسجده إذ كان المصلون والزوار لا يصلون إلا إلى مسجده، ولا يصل أحد إلى قبره ولا يدخل أحد إلى حجرته.

ولكن قد يقال هذا في الحقيقة ليس زيارة لقبره؟ ولهذا كره من كره من العلماء أن يقال زرت قبره. ومنهم من لم يكره. والطائفتان متفقون على أنه لا يزار قبره كما تزار القبور بل إنما يدخل إلى مسجده.

وأيضا فالنية في السفر إلى مسجده وزيارة قبره مختلفة.

فمن قصد السفر إلى مسجده للصلاة فيه فهذا مشروع بالنص والإجماع. وإن كان لم يقصد إلا القبر ولم يقصد المسجد، فمالك


(١) تقدم تخريجه (ص ١١٤).
(٢) الرد على الأخنائي (ص ١٧٢ - ١٧٣).

<<  <   >  >>