للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال النخعي: "كانوا يكرهون زيارة القبور" (١) وعن ابن سيرين مثله (٢) قال ابن بطال (٣): وقد سئل مالك عن زيارة القبور؟

فقال: "قد كان نهي عنها ثم أذن فيها، فلو فعل ذلك إنسان ولم يقل إلا خيرا لم أر بذلك بأسا، وليس من عمل الناس".

وروي عنه أنه كان يضعف زيارتها (٤).

فهذا قول طائفة من السلف، ومالك في القول الذي رخص فيه يقول: "ليس من عمل الناس" وفي الآخر ضعفها، فلم يستحبها لا في هذا ولا في هذا (٥).

وقالت طائفة: بل نسخ ذلك وهم على قسمين:

القسم الأول: قالوا إنما نسخ إلى الإباحة، فزيارة القبور مباحة لا مستحبة، وهذا قول في مذهب مالك وأحمد.

قالوا: لأن صيغة أفعل بعد الحظر إنما تفيد الإباحة كما قال في الحديث الصحيح: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، وكنت نهيتكم عن الانتباذ في الأوعية فانتبذوا ولا تشربوا مسكرا" (٦).

وروي: "فزوروها ولا تقولوا هجرًا" (٧) وهذا يدل على أن النهي


(١) انظر: المصنف لابن أبي شيبة، كتاب الجنائز، باب من كره زيارة القبور (٣/ ٣٤٥).
(٢) انظر: المصنف لابن أبي شيبة، كتاب الجنائز، باب من كره زيارة القبور (٣/ ٣٤٥).
(٣) علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال، أبو الحسن، عالم بالحديث من أهل قرطبة له كتاب شرح البخاري، توفى سنة ٤٤٩ هـ. الأعلام (٤/ ٢٨٥).
(٤) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٣٧٥) والرد على الأخنائي (١٢٠).
(٥) الرد على الأخنائي (ص ١٢٠).
(٦) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب استئذان النبي ربه ﷿ في زيارة قبر أمه برقم (٩٧٧).
(٧) أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب الجنائز (١/ ٣٧٦).

<<  <   >  >>