للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للآخرة، وقد يحصل منه جزع، فيتعارض الأمران، ونفس الحزن مباح، وإن قصد به طاعة كان طاعة وإن عمل معصية كان معصية.

وأما النوع الثالث: فهو زيارتها للدعاء لها كالصلاة على الجنازة فهذا هو المستحب الذي دلت السنة على استحبابه، لأن النبي فعله، وكان يعلم أصحابه ما يقولون إذا زاروا القبور.

فيستحب عند الجمهور لمن أتى المدينة أن يأتي البقيع وشهداء أحد كما كان النبي يفعل.

فزيارة القبور للدعاء للميت من جنس الصلاة على الجنائز يقصد فيها الدعاء لهم، لا يقصد فيها أن يدعو مخلوقًا من دون الله، ولا يجوز أن تتخذ مساجد، ولا تقصد لكون الدعاء عندها أو بها أفضل من الدعاء في المساجد والبيوت، والصلاة على الجنائز أفضل باتفاق المسلمين من الدعاء للموتى عند قبورهم، وهذا مشروع بل فرض كفاية متواتر متفق عليه بين المسلمين (١).

والذي يجب معرفته هنا أن زيارة القبور على وجهين:

زيارة بدعية، وزيارة شرعية.

فالزيارة البدعية: هي التي نهي عنها رسول الله واتفق العلماء على أنها غير مشروعة، وهي مثل اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد، والصلاة إلى القبر، واتخاذه وثنا أو عيدا فلا يجوز أن تقصد القبور للصلاة الشرعية، ولا أن تعبد كما تعبد الأوثان ولا أن تتخذ عيدا يجتمع إليها في وقت معين كما يجتمع المسلمون في عرفة ومنى.

فكل زيارة تتضمن فعل ما نهي عنه وترك ما أمر به - كالتي تتضمن الجزع وقول الهجر وترك الصبر، أو تتضمن الشرك ودعاء غير الله وترك إخلاص الدين لله فهي منهي عنها.


(١) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٣٦٥ - ٣٨١) بتصرف.

<<  <   >  >>