للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وللعلماء في ذلك ثلاثة أقوال:

القول الأول: منهم من ذكر استحباب السلام أو الصلاة والسلام عليه إذا دخل المسجد، ثم بعد أن يصلي في المسجد استحب أيضا أن يأتي إلى الحجرة ويصلي ويسلم كما ذكر ذلك طائفة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد.

القول الثاني: ومنهم من لم يذكر إلا النوع الثاني فقط؛ أي: أنه يأتي إلى الحجرة ويصلي ويسلم.

القول الثالث: ومنهم من لم يذكروا إلا النوع الأول فقط أي السلام أو الصلاة والسلام عليه عند دخول المسجد، وفي التشهد في الصلاة وهذا ما ذكره كثير من السلف (١).

فهذا النوع الأول - أي السلام عند دخول المسجد - هو المشروع لأهل البلد وللغرباء في هذا المسجد وغير هذا المسجد.

وأما النوع الثاني - أي: السلام عليه عند الحجرة - فهو الذي فرق من استحبه بين أهل البلد والغرباء سواء فعله مع الأول أو مجردا عنه فاستحبوه للغرباء دون أهل البلد، محتجين على ذلك بفعل ابن عمر .

وفي هذا الاستحباب نظر "لأن الأمر إذا فعله من الصحابة الواحد والاثنان والثلاثة وأكثر، دون غيرهم كان غايته أن يثبت به التسويغ بحيث يكون هذا مانعا من دعوى الإجماع على خلافه، بل يكون كسائر المسائل التي يساغ فيها الاجتهاد، أما أن يجعل من سنة الرسول وشريعته وحكمه ما لم تدل عليه سنته لكون بعض السلف فعل ذلك فهذا لا يجوز (٢).

فالأولى في هذه المسألة أن يقال: إن فعل ابن عمر إنما يدل على


(١) الرد على الأخنائي (ص ١٤٢).
(٢) الرد على الأخنائي (ص ١٧٧ - ١٧٨).

<<  <   >  >>