للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما هو شرك وبدعة وضلالة منهي عنها لئلا يلتبس هذا بهذا، فإن السفر إلى مسجد المدينة مشروع باتفاق المسلمين لكن: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى".

وقد تقدم عن مالك وغيره أنه من نذر إتيان المدينة إن كان قصده الصلاة في المسجد يوفي بنذره، وإلا لم يوف بنذره.

وأما إذا نذر إتيانه المسجد لزمه لأنه إنما يقصد الصلاة.

فلم يجعل إلى المدينة سفرًا مأمورًا به إلا سفر من قصد الصلاة في المسجد وهو الذي يؤمر به الناذر بخلاف غيره لقوله : "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى" (١).

وجعل من سافر إلى المدينة أو بيت المقدس لغير العبادة الشرعية في المسجدين سفرًا منهيًّا عنه، لا يجوز أن يفعله وإن نذره، وهذا هو قول جمهور العلماء.

فمن سافر إلى مدينة الرسول أو بيت المقدس لقصد زيارة ما هناك من القبور أو من آثار الأنبياء والصالحين كان سفره محرمًا عند مالك والأكثرين وقيل إنه سفر مباح ليس بقربة كما قاله طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد، وهو قول ابن عبد البر.

وما علمنا أحدًا من علماء المسلمين المجتهدين الذين تذكر أقوالهم في مسائل الإجماع والنزاع ذكر أن ذلك مستحب.

فدعوى من ادعى أن السفر إلى مجرد القبور مستحب عند جميع


(١) أخرجه البخاري في كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة. برقم (١١٨٩)؛ وأخرجه مسلم في كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد برقم (١٣٩٧).

<<  <   >  >>