للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن القيم : "الصلاة المأمور بها في هذه الآية هي الطلب من الله ما أخبر به عن صلاته وصلاة ملائكته، وهي ثناء عليه وإظهار لفضله وشرفه وإرادة تكريمه وتقريبه. فهي تتضمن الخبر والطلب وسُمِّي هذا السؤال منا والدعاء صلاة عليه لوجهين:

أحدهما: أنه يتضمن ئناء المصلي عليه والإشارة بذكر شرفه وفضله والإرادة والمحبة كذلك من الله تعالى، فقد تضمَّنت الخبر والطلب.

والوجه الثاني: أن ذلك سمي منا صلاة لسؤالنا من الله أن يصلي عليه. فصلاة الله عليه ثناؤه وإرادته لرفع ذكره وتقريبه، وصلاتنا نحن عليه سؤالنا الله تعالى أن يفعل ذلك به" (١).

وزاد الحافظ ابن حجر: أن صلاة الله على خلقه تكون خاصة وتكون عامة. فصلاته على أنبيائه هي ما تقدم من الثناء والتعظيم.

وصلاته على غيرهم الرحمة فهي التي وسعت كل شيء.

ونقل عياض عن بكر القشيري (٢) قال: "الصلاة على النبي من الله تشريف وزيادة وتكرمة، وعلى من دون النبي رحمة، وبهذا التقرير يظهر الفرق بين النبي وبين سائر المؤمنين حيث قال الله تعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: ٥٦] وقال قبل ذلك في السورة المذكورة ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ ومَلائِكَتُهُ﴾ [الأحزاب: ٤٣] ومن المعلوم أن القدر الذي يليق بالنبي من ذلك أرفع مما يليق بغيره، والإجماع منعقد على أن في هذه الآية من تعظيم النبي والتنويه به ما ليس في غيرها" (٣).


(١) جلاء الأفهام (ص ٧٨).
(٢) بكر بن محمد بن العلاء القشيري، قاضي من علماء المالكية من أهل البصرة، انتقل إلى مصر قبل سنة (٣٣٠ هـ) وتوفي بها سنة ٣٤٤ هـ. الأعلام (٢/ ٦٩).
(٣) فتح الباري (١١/ ١٥٦).

<<  <   >  >>