وقد ضعف ابن القيم ﵀ تفسير الصلاة بالرحمة والاستغفار وذكر في تضعيفهما عدة أوجه منها:
١ - أن الله سبحانه فرق بين صلاته على عباده ورحمته فقال: ﴿وبَشِّرِ الصّابِرِينَ الَّذِينَ إذا أصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إنّا لِلَّهِ وإنّا إلَيْهِ راجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ ورَحْمَةٌ وأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ﴾ [البقرة] فعطف الرحمة على الصلاة فاقتضى ذلك تغايرهما، وهذا أصل العطف، وأما قولهم: وألفى قولها كذبا ومينا.
فهو شاذ نادر لا يحمل عليه أفصح الكلام مع أن المَين أخص من الكذب.
٢ - أن صلاة الله سبحانه خاصة بأنبيائه ورسله وعباده المؤمنين، وأما رحمته فوسعت كل شيء، فليست الصلاة مرادفة للرحمة لكن الرحمة من لوازم الصلاة وموجباتها وثمراتها، فمن فسرها بالرحمة فقد فسرها ببعض ثمراتها ومقصودها، وهذا كثيرا ما يأتي في تفسير ألفاظ القرآن، والرسول لا يفسر اللفظة بلازمها وجزء معناها كتفسير الريب بالشك، والشك جزء مسمى الريب وتفسير المغفرة بالستر، وهو جزء منه مسمى المغفرة، وتفسير الرحمة بإرادة الإحسان، وهو لازم الرحمة ونظائر ذلك كثيرة.
٣ - أن هذه اللفظة لا تعرف في اللغة الأصلية بمعنى الرحمة أصلا والمعروف عند العرب من معناها إنما هو الدعاء والتبريك والثناء، ولا تعرف العرب قط "صلى عليه" بمعنى "رحمه" فالواجب حمل اللفظ على معناه المتعارف في اللغة.
٤ - أنه يسوغ بل يستحب لكل أحد أن يسأل الله أن يرحمه فيقول: اللهم ارحمني كما علم النبي ﷺ الداعي أن يقول: "اللهم اغفر لي