للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وارحمني وعافني وارزقني فلما حفظها قال: "أما هذا فقد ملأ يديه من الخير" (١). ومعلوم أنه لا يسوغ لأحد أن يقول: "اللهم صل علي" بل الداعي بهذا يكون معتديا في دعائه والله لا يحب المعتدين، بخلاف سؤاله الرحمة فإن الله يحب أن يسأله عبده مغفرته ورحمته فعلم أنه ليس معناهما واحدا.

٥ - أن أكثر المواضع التي تستعمل فيها الرحمة لا يحسن أن تقع فيها الصلاة كقوله تعالى: ﴿ورَحْمَتِي وسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف: ١٥٦] وقوله: ﴿إنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ﴾ [الأعراف] وقوله ﴿وكانَ بِالمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب] وقوله: ﴿إنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة] وقول النبي : "الله أرحم بعباده من هذه بولدها" (٢). وقوله: "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" (٣)

فمواضع استعمال الرحمة في حق الله وفي حق العباد لا يحسن أن تقع الصلاة في كثير منها، بل في أكثرها، فلا يصح تفسير الصلاة بالرحمة والله أعلم.

٦ - أنه لو كانت الصلاة بمعنى الرحمة لقامت مقامها في امتثال الأمر وأسقطت الوجوب عند من أوجبها إذا قال: "اللهم ارحم محمدا وآل محمد" وليس الأمر كذلك (٤). وزاد السخاوي:


(١) أخرجه أحمد في المسند (٤/ ٣٥٣).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب رحمة الولد برقم (٥٩٩٨). وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه برقم (٢٧٥٤).
(٣) أخرجه الترمذي في السنن، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في رحمة المسلمين (٤/ ٣٢٣ - ٣٢٤) ح ١٩٢٤، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(٤) جلاء الأفهام (ص ٧٥ - ٨٢) بتصرف.

<<  <   >  >>