للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحرف" (١). فجوَّز النبي القراءة بكل حرف من تلك الأحرف، وأخبر أنه "شافي كافي "ومعلوم أن المشروع في ذلك أن يقرأ بتلك الأحرف على سبيل البدل لا على سبيل الجمع كما كان الصحابة يفعلون.

الرابع: أن النبي لم يجمع بين تلك الألفاظ المختلفة في آن واحد، بل إما أن يكون قال هذا مرة وهذا مرة كألفاظ الاستفتاح والتشهد، وأذكار الركوع والسجود وغيرها، فاتباعه يقتضي أن لا يجمع بينها، بل يقال هذا مرة وهذا مرة.

وإما أن يكون الراوي قد شك في أي الألفاظ قال، فإن ترجح عند الداعي بعضها صار إليه وإن لم يترجح عنده بعضها كان مخيرا بينهما، ولم يشرع له الجمع، فإن هذا نوع ثالث لم يرد عن النبي فيعود الجمع بين تلك الألفاظ في آن واحد على مقصود الداعي بالإبطال لأنه قصد متابعة الرسول ، ففعل ما لم يفعله قطعا.

ومثال ما يترجح فيه أحد الألفاظ حديث الاستخارة فإن الراوي شك هل قال النبي : "اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري" أو قال: "وعاجل أمري وآجله" (٢) بدل "وعاقبة أمري" والصحيح اللفظ الأول وهو قوله "وعاقبة أمري" لأن عاجل الأمر وآجله هو مضمون قوله "ديني ومعاشي وعاقبة أمري" فيكون الجمع بين المعاش وعاجل الأمر وآجله تكرارا، بخلاف ذكر المعاش والعاقبة، فإنه لا تكرار فيه، فإن المعاش هو عاجل الأمر والعاقبة أجله.


(١) أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن، باب أُنزل القرآن على سبعة أحرف برقم (٤٩٩٢)؛ وأخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف وبيان معناه برقم (٨١٨).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب التهجد، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (١١٦٢) وقد جاءت رواية البخاري على الشك الذي ذكره ابن القيم.

<<  <   >  >>