للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الآخرون: ليس التشهد الأول بمحل لذلك، وهو القديم من قولي الشافعي رحمه الله تعالى، وهو الذي صححه كثير من أصحابه؛ لأن التشهد الأول تخفيفه مشروع، وكان النبي إذا جلس فيه كأنه على الرضف (١) (٢).

ولم يثبت عنه أنه كان يفعل ذلك فيه، ولا علّمه للأمة، ولا يعرف أن أحدا من الصحابة استحبه، ولأن مشروعية ذلك لو كانت كما ذكرتم من الأمر لكانت واجبة في المحل كما في الأخير، لتناول الأمر لهما، ولأنه لو كانت الصلاة مستحبة في هذا الموضع، لاستحب فيه الصلاة على آله لأن النبي لم يفرد نفسه دون آله بالأمر بالصلاة عليه، بل أمرهم بالصلاة عليه وعلى آله في الصلاة وغيرها.

ولأنه لو كانت الصلاة عليه في هذه المواضع مشروعة لشرع فيها ذكر إبراهيم وآل إبراهيم، لأنها هي صفة الصلاة المأمور بها، ولأنها لو شرعت في هذه المواضع لشرع فيها الدعاء بعدها لحديث فضالة، ولم يكن فرق بين التشهد الأول والأخير.

قالوا: وأما ما استدللتم به من الأحاديث فمع ضعفها لا تدل، لأن المراد بالتشهد فيها هو الأخير دون الأول بما ذكرناه من الأدلة (٣).


(١) الرضف: الحجارة المحماة على النار، واحدتها: رضفة. النهاية (٢/ ٢٣١)
(٢) أخرجه أحمد في المسند (١/ ٣٨٦، ٤١٠، ٤٢٨، ٤٣٦، ٤٦٠). وأخرجه أبو داود في السنن، كتاب الصلاة، باب تخفيف القعود (١/ ٦٠٦). ح ٩٩٥ وأخرجه الترمذي في السنن، أبواب الصلاة، باب ما جاء في مقدار القعود في الركعتين الأوليين (٢/ ٢٠٢) ح ٣٦٦. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه. والعمل على هذا عند أهل العلم يختارون أن لا يطيل الرجل القعود في الركعتين الأوليين ولا يزيد على التشهد شيئا" انتهى كلامه.
(٣) جلاء الأفهام (ص ٢٧٧ - ٢٧٩).

<<  <   >  >>