للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر المطلق والمعلَّق على شرط أو وقت، فأثبتت التكرار في المعلق دون المطلق. والأقوال الثلاثة في مذهب أحمد والشافعي، وغيرهما.

ورجَّحت هذه الطائفة التكرار بأن عامة أوامر الشرع على التكرار كقوله تعالى: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ﴾ [الحديد: ٧] وقوله ﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ﴾ [البقرة: ٢٠٨] وقوله تعالى: ﴿أطِيعُوا اللَّهَ وأطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ [النساء: ٥٩]، وقوله تعالى: ﴿واتَّقُوا اللَّهَ﴾ [البقرة: ١٨٩]، وقوله تعالى: ﴿وأقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ﴾ [البقرة: ٤٣]، وقوله تعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وصابِرُوا ورابِطُوا واتَّقُوا اللَّهَ﴾ [آل عمران: ٢٠٠] وقوله تعالى: ﴿وخافُونِ﴾ [آل عمران: ١٧٥].

وقوله: ﴿واخْشَوْنِي﴾ [البقرة: ١٥٠]، وقوله: ﴿واعْتَصِمُوا بِاللَّهِ﴾ [الحج: ٧٨]، وقوله: ﴿واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا﴾ [آل عمران: ١٠٣].

وذلك في القرآن أكثر من أن يحصر، وإذا كانت أوامر الله ورسوله على التكرار حيث وردت إلا في النادر، علم أن هذا عرف خطاب الله ورسوله للأمة، والأمر وإن لم يكن في لفظه المجرد ما يؤذن بتكرار ولا فور فلا ريب أنه في عرف خطاب الشارع للتكرار، فلا يحمل كلامه إلا على عرفه والمألوف من خطابه، وإن لم يكن ذلك مفهوما من أصل الوضع في اللغة، وهذا كما قلنا: ان الأمر يقتضي الوجوب، والنهي يقتضي الفساد، فإن هذا معلوم من خطاب الشارع وإن كان لا تعرض لصحة المنهي ولا لفساده في أصل موضوع اللغة، وكذا خطاب الشارع لواحد من الأمة يقتضي معرفة الخاص أن يكون اللفظ متناولا له ولأمثاله، وإن كان موضوع اللفظ لغة لا يقتضي ذلك، فإن هذا لغة صاحب الشرع وعرفه في مصادر كلامه وموارده، وهذا معلوم بالاضطرار من دينه قبل أن يعلم صحة القياس واعتباره وشروطه، وهكذا الفرق بين اقتضاء اللفظ وعدم اقتضائه لغة، وبين اقتضائه في عرف الشارع وعادة خطابه.

<<  <   >  >>