للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما ظنك بمن غاب عنك هديه وما جاء به طرفة عين فسد قلبك وصار كالحوت إذا فارق الماء ووضع في المقلاة، فحال العبد عند مفارقة قلبه لما جاء به الرسل كهذه الحال بل أعظم، ولكن لا يحس بهذا إلا قلب حي، (وما لجرح بميت إيلام)، وإذا كانت سعادة العبد في الدارين معلقة بهدي النبي ، فيجب على كل من نصح نفسه وأحب نجاتها وسعادتها أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين به، ويدخل به في عداد أتباعه وشيعته وحزبه، والناس في هذا بين مستقل ومستكثر ومحروم، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم" (١).

وفي تضاعيف هذا المصنف النافع يجد القارئ ما يجب عليه الإتيان به من تلك الحقوق النبوية، والتي من أعظمها الإيمان به ومحبته وتعزيره وتوقيره، والصلاة والسلام عليه، والتنبيه على الاعتدال في ذلك وعدم الخروج عن الشرع المطهر فإن خير الهدي هدي سيدنا محمد

ولقد كان صلوات الله وسلامه عليه حريصًا على سعادة الأمة كما قال تعالى منوهًا بما حباه الله به من صفات جليلة: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)[التوبة].

ولما كانت نعمة الله تعالى على المؤمنين بإرسال رسوله إليهم عظيمة أمرهم الله تعالى في كتابه العزيز أن يصلوا عليه ويسلموا تسليمًا بعد أن أخبرهم أنه وملائكته يصلون عليه فقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٥٦)[الأحزاب].

إن الصلاة والسلام على سيدنا محمد من القربات العظيمة والطاعات الجليلة التي ندب الشرع إليها وهي من أنفع أدعية العبد له في الدنيا والآخرة ومن لوازم وتمام محبته وتعظيمه وتوقيره وأداء


(١) زاد المعاد (١/ ٦٩).

<<  <   >  >>