حصل للعبد خير الدنيا والآخرة، ونجا من شر الدنيا والآخرة، الذي لا تتصور القلوب حقيقة نعمته وإحسانه، فضلًا عن أن تقوم بشكره، أليس هذا المنعم المحسن أحق بأن يعظم ويثنى عليه، ويستفرغ الوسع في حمده ومدحه إذا ذكر بين الملأ، فلا أقل من أن يصلى عليه مرة إذا ذكر اسمه ﷺ.
قالوا: ولهذا دعا عليه النبي ﷺ برغم أنفه، وهو أن يلصق أنفه بالرغام وهو التراب، لأنه لما ذكر عنده فلم يصل عليه استحق أن يذله الله ويلصق أنفه بالتراب.
قالوا: ولأن الله سبحانه نهى الأمة أن يجعلوا دعاء الرسول بينهم كدعاء بعضهم بعضا، فلا يسمونه إذا خاطبوه باسمه، كما يسمى بعضهم بعضا بل يدعونه برسول الله ونبي الله، وهذا من تمام تعزيره وتوقيره وتعظيمه، فهكذا ينبغي أن يخص باقتران اسمه بالصلاة عليه، ليكون ذلك فرقا بينه وبين ذكر غيره، كما كان الأمر بدعائه بالرسول والنبي فرقا بينه وبين خطاب غيره، فلو كان عند ذكره لا تجب الصلاة عليه كان ذكره كذكر غيره في ذلك، هذا على أحد التفسيرين في الآية.
وأما على التفسير الآخر وهو أن المعنى: لا تجعلوا دعاءه إياكم كدعاء بعضكم بعضا فتؤخروا الإجابة بالاعتذار والعلل التي يؤخر بها بعضكم إجابة بعض ولكن بادروا إليه إذا دعاكم بسرعة الإجابة ومعاجلة الطاعة حتى لم يجعل اشتغالهم بالصلاة عذرا لهم في التخلف عن إجابته والمبادرة إلى طاعته فإذا لم تكن الصلاة التي فيها شغل عذرا يستباح بها تأخير إجابته فكيف ما دونها من الأسباب والأعذار؟ فعلى هذا يكون المصدر مضافًا إلى الفاعل، وعلى القول الأول يكون مضافا إلى المفعول.
وقد يقال - وهو أحسن من القولين - إن المصدر هنا لم يضف إضافته إلى فاعل ولا مفعول، وإنما أضيف إضافة الأسماء المحضة،