للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويكون المعنى: لا تجعلوا الدعاء المتعلق بالرسول المضاف إليه كدعاء بعضكم بعضا، وعلى هذا فيعم الأمرين معا، ويكون النهي عن دعائهم له باسمه كما يدعو بعضهم بعضا، وعن تأخير إجابته ، وعلى كل تقدير فكما أمر الله سبحانه أن يميز في خطابه ودعائهم إياه قياما للأمة بما يجب عليه من تعظيمه وإجلاله فتمييزه بالصلاة عليه عند ذكر اسمه من تمام هذا المقصود.

قالوا: وقد أخبر النبي "أن من ذكر عنده فلم يصل عليه خطيء طريق الجنة" (١) فلولا أن الصلاة عليه واجبة عند ذكره لم يكن تاركها مخطئا لطريق الجنة. قالوا: وأيضا فمن ذكر النبي أو ذكر عنده فلم يصل عليه فقد جفاه، ولا يجوز لمسلم جفاؤه .

فالدليل على المقدمة الأولى: ما روي عن قتادة، قال: قال رسول الله : "من الجفاء أن أذكر عند الرجل فلا يصلي علي" (٢).

ولو تركنا وهذا المرسل وحده لم نحتج به، ولكن له أصول وشواهد


(١) أخرجه ابن ماجة في السنن، أبواب إقامة الصلاة، باب الصلاة على النبي (١/ ١٦٤) ح ٨٩٥ وقال الألباني حسن صحيح (صحيح ابن ماجة ١/ ١٥٠). وأخرجه إسماعيل بن إسحاق في فضل الصلاة على النبي (ص ١٧ - ١٨) ح ٤١ - ٤٢ - ٤٣ - ٤٤. وقال الألباني في تعليقه عليه: "إسناده مرسل صحيح، والحديث له طرق وإن كانت لا تخلو من ضعف فبعضها يقوي بعضا فالحديث وتقي بها إلى درجة الحسن على أقل الدرجات" انتهي كلامه. وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (١/ ٤١٨) مرسلا عن محمد بن الحنفية. وأخرجه الطبراني في الكبير (٣/ ١٣٨) رقم ٢٨٨٧ موصولا عن الحسين بن علي من طريق بشر بن محمد الكندي وهو ضعيف. انظر: مجمع الزوئد (١٠/ ١٦٤). وأخرجه البيهقي من حديث أبي هريرة في الشعب (١/ ٤١٩).
(٢) أورده ابن القيم وعزاه لسعيد بن الأعرابي "جلاء الأفهام" (ص ٣٠١) وأورده السخاوي في القول البديع (ص ١٥٢) وقال: أخرجه النميري من وجهين من طريق عبد الرزاق وهو في جامعه، ورواته ثقات.

<<  <   >  >>