للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعنى الثاني: المعية الخاصة.

وهي معية الاطلاع والنصرة والتأييد، وسميت خاصة لأنها تخص أنبياء الله وأولياءه مثل قوله تعالى س إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ش (١) ، وقوله تعالى س إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ش (٢)

فهذه المعية على ظاهرها وحكمها في هذه المواطن النصر والتأييد.

ولفظ المعية على كلا الاستعمالين ليس مقتضاه أن تكون ذات الرب عزوجل مختلطة بالخلق، ولو كان معنى المعية أنه بذاته في كل مكان لتناقض الخبر العام والخبر الخاص، ولكن المعنى أنه مع هؤلاء بنصره وتأييده دون أولئك (٣) .

وأما استدلالهم بقوله تعالى س ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ش (٤) ، فقد أجاب عنه شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: (إن هذه الآية لا تخلو إما أن يراد بها قربه سبحانه أو قرب ملائكته كما قد اختلف الناس في ذلك فإن أريد بها قرب الملائكة: فدليل ذلك من الآية قوله س ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ش ففسر ذلك القرب الذي هو حين يتلقى المتلقيان، فيكون الله سبحانه قد أخبر بعلمه هو سبحانه بما في نفس الإنسان، س ونعلم ما توسوس به نفسه ش وأخبر بقرب الملائكة الكرام الكاتبين منه، س ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ش وعلى هذا التفسير تكون هذه الآية مثل قوله تعالى س أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون ش (٥) .

أما إذا كان المراد بالقرب في الآية قربه سبحانه، فإن ظاهر السياق في الآية دل على أن المراد بقربه هنا قربه بعلمه، وذلك لورود لفظ العلم في سياق الآية س ونعلم ما توسوس به نفسه ش) (٦) .


(١) التوبة ٤٠
(٢) النحل ١٢٨
(٣) مجموع الفتاوى (١١/٢٥٠) ، و (٥/١٠٤) .
(٤) ق ١٦.
(٥) الزخرف ٨٠
(٦) الفتاوى (٦/١٩-٢٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>