للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وضح مُسْلِم قاعدته في مقدمة صحيحه فقال: (( ... أن القول الشائع عليه بين أهل العلم بالأخبار والروابات قديماً وحديثاً: أنَّ كل رجلٍ ثقة روى عن مثله حديثاً، وجائز ممكن له لقاؤه والسماع منه لكونهما جميعاً كانا في عصرواحد وإن لم يأت في خبرٍ قط أنهما اجتمعا ولا تشافها بكلام، فالروايةثابتة، والحجة بها لازمة إلاَّ أن يكون هنالك دلالة بيِّنة أنَّ هذا الراوي لم يلق مَن روى عنه، أو لم يسمع منه شيئاً، فأمَّا والأمر مبهم على الإمكان الذي فسَّرنا، فالرواية على السماع أبداً حتى تكون الدلالة التي بيَّنا....)) صحيح مُسْلِم: (١/٢٩-٣٠) ، فمُسْلِم رحمه الله تعالى يشترط المعاصرة مع إمكان اللقاء أو السماع، دون التحقق من وقوعه.. مادام الراوي ثقة، ولايُعرف أنه مدلس.

... واشترط بعض المحدِّثين ثبوت السماع أو اللقاء في الجملة لا في كل حديث: منهم أبو عبد الله البُخَارِيّ، وعلي بن المديني، وغيرهما.

قال ابنُ رُشَيْدٍ: ((وهو الصحيح من مذاهب المحدثين الذي يعضده النظر، فلا يحُمل منه على الاتصال إلا ماكان بين متعاصِرَين يُعلم أنهما قد التقيا من دهرهما مرة فصاعداً، ومالم يعرف ذلك فلا تقوم الحجة منه إلا بما شُهد له لفظ السماع أو التحديث، أو ماأشبههما من الألفاظ الصريحة إذا أخبر بها العدل عن العدل....)) السنن الأبين: (٣١-٣٢) ، وانظر: معرفة علوم الحديث:٣٤، والكفاية:٢٩١، والتمهيد: (١/١٢-١٣) ، وعلوم الحديث لابن الصلاح:١٥٢، والنكت على ابن الصلاح لابن حجر: ٢/٥٨٤

... ولعلَّ صنيع مُسْلِم رحمه الله تعالى في إيراده حديث أبي قلابة عن عائشة مقروناً، وكذلك إيراده للحديث من طرق أخرى يؤكد فيها صحة الحديث، وصحة سماع أبي قلابة عن عائشة، رضي الله عنها. والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>