فالصراط المستقيم واحد، والحيد عنه يكون إلى سبل متشعبة ترجع إلى اتباع الهوى باتباع الشيطان ولقد صور ذلك رسول الله - (- فيما رواه عنه ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: خط لنا رسول الله - (- خطاً، ثُمَّ قال:{هذا سبيل الله} ثُمَّ خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله، ثُمَّ قال:{هذه سبل متفرقة، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه} ثُمَّ قرأ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} (٢)(٣) .
وكان الصحابة والتابعون والسلف الصالح على منهج الهدى واتباع الرسول - (-.
ثُمَّ خلف من بعدهم خلف لم يقنعوا بوحي الله وتشريعه، ورأوا أن هناك حاجة إلى ما زعموا من تصحيح وزيادة وحذف فأعملوا عقولهم، وأخضعوا الوحي لها، فتشعبت السبل بالناس، ووقع ما خاف من وقوعه النبي - (- كما قال:{إنَّما أخاف على أمتي الأئمة المضلين} (٤) .
وكما قال:{إن مِمَّا أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى}(٥) .
فوقع الاختلاف، وحصل الجدل بالباطل، وزين ذلك إبليس في أعين كثير من الناس، وحسبوه عين العقل والاستقامة.
ولما كانت مسائل الأسماء والصفات من أعظم مطالب الدين، وأشرف علوم الأولين والآخرين، وأدقها في عقول أكثر العالمين - كان من أعظم ما حصل فيه الاختلاف ما أحدثته المبتدعة من الخوض في ذات الله وأسمائه وصفاته.