فالجهم بن صفوان (١) المنكر لصفات الله، لما أنكرها وأنكر أسماءه - سبحانه - ضعف يقينه بالله، حتى شك في وجوده، وذكر أنه بقي أربعين يوماً لايصلي حتى يثبت أن له رباً يعبده (٢) .
فلا عبادة صحيحة ولا عمل بشرعه إلاَّ بإثبات ربوبية الله - سبحانه - وعظمته وكماله بأسمائه وصفاته.
ويهدف هذا البحث في صفة الرضا إلى طريقة إثبات هذه الصفة، والتعريف بها؛ من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
وإلى كشف الزيف الذي تلبست به في كثير من كتب أهل الكلام.
كما يهدف تجلية القاعدة الضابطة في إثبات هذه الصفة، كغيرها من صفات الله - عز وجل - الموضوعة حماية للعقول والقلوب من الانحراف في توحيد الأسماء والصفات: أهم مباحث الاعتقاد المصحح لسير العباد على منهج شرع الله القويم.
فهذا هو المنهج الذي كان عليه السلف الصالح، والأئمة الحنفاء، وسار عليه أتباعهم بإحسان من بعدهم، وإن من مهمات هذا البحث بيان فساد الانحرافات التي شط أصحابها عن منهج أهل السنة والجماعة في صفة الرضا، بل وعن منهج القرآن والسنة من قبل ومن بعد.
وبيان معرفة هل صفة الرضا من الصفات الذاتية أم من الصفات الفعلية.
ثُمَّ أثر الإيمان بثبوت هذه الصفة لله على سلوك العبد، والتزامه شرع الله تعالى وسنة نبيه - (-.
ولهذا كله عزمت أن أذكر مذهب السلف ومن اتبعهم بإحسان - رحمة الله عليهم - في صفة الرضا؛ ليسلك سبيلهم من أحب الاقتداء بهم والكون معهم في الدار الآخرة، إذ كان كل تابع في الدنيا مع متبوعه في الآخرة، وسالك حيث سلك موعوداً بما وعد به متبوعه من خير أو شر، دل على هذا قوله تعالى:{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (٣) .
فكذلك كل من اتبع إماماً في الدنيا في سنة أو بدعة أو خير أو شر كان معه في الآخرة.