إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإنه على أساس العلم الصحيح بالله وأسمائه وصفاته يقوم الإيمان الصحيح، والتوحيد الخالص، وتنبني مطالب الرسالة جميعها؛ فهذا التوحيد هو أساس الهداية والإيمان، وهو أصل الدين الذي يقوم عليه، ولذلك فإنه لا يتصور إيمان صحيح ممن لا يعرف ربه، فهذه المعرفة لازمة لانعقاد أصل الإيمان وهي مهمة جداً للمؤمن لشدة حاجته إليها لسلامة قلبه، وصلاح معتقده، واستقامة جوارحه، فالمعرفة لأسماء الله وصفاته وأفعاله توجب للعبد التمييز بين الإيمان والكفر، والتوحيد والشرك، والإقرار والتعطيل، وتنزيه الرب عما لا يليق به ووصفه بما هو أهله من الجلال والإكرام.
وبهذه المعرفة تحصل زيادة الإيمان ورسوخه، فكلما ازداد العبد علماً بالله زاد إيمانه وخشيته ومحبته لربه وتعلقه به قال تعالى:{إنما يخشى الله من عباده العلماء}[فاطر ٢٨] ، كما تجلب للعبد النور والبصيرة التي تحصنه من الشبهات المضللة والشهوات المحرمة.