ولذا كان هذا العلم هو بحق أفضل ما اكتسبته القلوب وحصلته النفوس وأدركته العقول، وليست القلوب الصحيحة والنفوس المطمئنة إلى شيء من الأشياء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر ولا فرحها بشيء أعظم من فرحها بالظفر بمعرفة الحق فيه.
وإن من واجب طالب العلم أن يتعمق في فهم الحق في هذا الباب المبني على الكتاب والسنة؛ فإنه بالنظر إلى كون باب الأسماء والصفات من أكثر الأبواب التي حصل فيها النزاع بين علماء السلف وخصومهم الأمر الذي تسبب في حدوث نزاع في مسائل كثيرة ومتعددة ترتب عليها انقسام الناس إلى ثلاثة أقسام: أهل السنة، وأهل التعطيل، وأهل التمثيل، ومثل هذا الحال يوجب على طالب العلم أن يميز بين قول أهل الحق في تلك المسائل وأقوال أهل الباطل، وأن يبذل مقدوره ومستطاعه في معرفة مسائل هذا الباب، وأن تكون تلك المعرفة سالمة من داء التعطيل وداء التمثيل اللذين ابتلي بهما كثير من أهل البدع.
فالمعرفة الصحيحة هي المتلقاة من الكتاب والسنة، وما روي عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فهذه هي المعرفة النافعة التي لا يزال صاحبها في زيادة إيمانه، وقوة يقينه، وطمأنينة أحواله ولما كان باب الصفات هو قلب هذا الباب ومحور النزاع مع الخصوم فيه فإن من الواجب على المسلم أن يدرس مسائل هذا الباب ويتعمق في فهمها وفق ما ورد في الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة،وأن يحذر من التيارات الفلسفية التي أضرت بأصحابها وأدخلتهم في دوامة الانحراف والضياع.
ومن منطلق توضيح مسائل الصفات وبيان الخلاف الحاصل بين الطوائف فيها، أحببت جمع شتات تلك المسائل وترتيبها ليسهل على الراغب في دراستها الاطلاع عليها بأقصر طريق وأقل مؤنه.
وقد سميت البحث ((مواقف الطوائف من توحيد الأسماء والصفات)) .
ورتبت عناصره في ثلاثة فصول وخاتمة تسبقها مقدمة وفق ما يأتي:
المقدمة: وفيها استهلال البحث وبيان بفصوله ومباحثه.