للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واسمه ((الملك)) يقتضي مملكة وتصرفاً وتدبيراً، وإعطاءً ومنعاً، وإحساناً وعدلاً، وثواباً وعقاباً.

واسمه ((البر، المحسن، المعطي، المنان)) ونحوها تقتضي آثارها وموجباتها إذا عرف هذا. فمن أسمائه سبحانه ((الغفار، التواب، العفو)) فلابد لهذه الأسماء من متعلقات. ولابد من جناية تغتفر، وتوبة تقبل، وجرائم يعفى عنها.

ولابد لاسمه ((الحكيم)) من متعلق يظهر فيه حكمه. إذ اقتضاء هذه الأسماء لآثارها كاقتضاء اسم ((الخالق، الرازق، المعطي، المانع)) للمخلوق والمرزوق والمعطَى والممنوع. هذه الأسماء كلها حسنى.

والرب تعالى يحب ذاته وأوصافه وأسماءه. فهو عفو يحب العفو، ويحب المغفرة، ويحب التوبة ويفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه أعظم فرح يخطر بالبال.

وكان تقدير ما يغفره ويعفو عن فاعله، ويحلم عنه، ويتوب عليه ويسامحه، من موجب أسمائه وصفاته. وحصول ما يحبه ويرضاه من ذلك.

وما يَحمدُ به نفسه ويحمده به أهل سمواته وأهل أرضه، ما هو من موجبات كماله ومقتضى حمده. وهو سبحانه الحميد المجيد، وحمده ومجده يقتضيان آثارهما.

ومن آثارهما: مغفرة الزلات، وإقالة العثرات، والعفو عن السيئات، والمسامحة على الجنايات. مع كمال القدرة على استيفاء الحق. والعلم منه سبحانه بالجناية ومقدار عقوبتها. فحلمه بعد علمه، وعفوه بعد قدرته، ومغفرته عن كمال عزته وحكمته، كما قال المسيح عليه السلام {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} [المائدة ١١٨] أي فمغفرتك عن كمال قدرتك وحكمتك. لست كمن يغفر عجزاً ويسامح جهلاً بقدر الحق، بل أنت عليم بحقك. قادر على استيفائه حكيم في الأخذ به.

فمن تأمل سريان آثار الأسماء والصفات في العالم، وفي الأمر، تبين له أن مصدر قضاء هذه الجنايات من العبيد وتقديرها: هو من كمال الأسماء والصفات والأفعال.

<<  <  ج: ص:  >  >>