وغاياتها أيضاً: مقتضى حمده ومجده، كما هو مقتضى ربوبيته وألهيته فله في كل ما قضاه وقدَّره الحكمة البالغة والآيات الباهرة، والتعرفات إلى عباده بأسمائه وصفاته، واستدعاء محبتهم له، وذكرهم له، وشكرهم له، وتعبدهم له بأسمائه الحسنى. إذ كل اسم له تعبد مختص به، علماً ومعرفة وحالاً.
وأكمل الناس عبودية: المتعبد بجميع الأسماء والصفات التي يطلع عليها البشر. فلا تحجبه عبودية اسم عن عبودية اسم آخر، كمن يحجبه التعبد باسمه ((القدير)) عن التعبد باسمه ((الحليم الرحيم)) . أو يحجبه عبودية اسمه ((المعطي)) عن عبودية اسمه ((المانع)) أو عبودية اسمه ((الرحيم العفو الغفور)) عن اسمه ((المنتقم)) أو التعبد بأسماء ((التودد، والبر واللطف، والإحسان)) عن أسماء ((العدل، والجبروت، والعظمة، والكبرياء)) ونحو ذلك.
وهذه طريقة الكُمَّل من السائرين إلى الله، وهي طريقة مشتقة من قلب القرآن، قال الله تعالى {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}[الأعراف ١٨٠] والدعاء بها يتناول دعاء المسألة، ودعاء الثناء، ودعاء التعبد. وهو سبحانه يدعو عباده إلى أن يعرفوه بأسمائه وصفاته، ويثنوا عليه بها. ويأخذوا بحظهم من عبوديتها.
وهو سبحانه يحب موجب أسمائه وصفاته.
فهو ((عليم)) يحب كل عليم، ((جواد)) يحب كل جود، ((وِتْرٌ)) يحب الوتر، ((جميل)) يحب الجمال، ((عفو)) يحب العفو وأهله، ((حيي)) يحب الحياء وأهله، ((بَرٌّ)) يحب الأبرار، ((شكور)) يحب الشاكرين، ((صبور)) يحب الصابرين، ((حليم)) يحب أهل الحلم.
فلمحبته سبحانه للتوبة والمغفرة والعفو والصفح: خلق من يغفر له ويتوب عليه ويعفو عنه. وقدر عليه ما يقتضي وقوع المكروه والمبغوض له. ليترتب عليه المحبوب له والمرضى له ... )) (١) .
المطلب الثالث: موقفهم من باب الصفات.
يمكن إجمال معتقد أهل السنة في صفات الله في النقاط التالية: