للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: وجه عند الحنابلة أنه لا تصح الطهارة من آنية الذهب والفضة؛ لأنه استعمل المحرم في العبادة، فلم يصح، كالصلاة في الدار المغصوبة. اختاره أبوبكر، والقاضي أبو الحسين، وشيخ الإسلام ابن تيمية. وصححه ابن عقيل. وهو قولٌ لابن حزم (١) .

والراجح عندي قول الجمهور؛ وهو صحة الطهارة منها، وفيها، وبها، وإليها. (ويفارق هذا الصلاة في الدار المغصوبة؛ لأن أفعال الصلاة من القيام والقعود والركوع والسجود في الدار المغصوبة، محرم؛ لكونه تصرفا في ملك غيره بغير إذنه، وشغلا له، وأفعال الوضوء؛ من الغسل، والمسح، ليس بمحرم، إذ ليس هو استعمالا للإناء، ولا تصرفا فيه، وإنما يقع ذلك بعد رفع الماء من الإناء، وفصله عنه، فأشبه ما لو غرف بآنية الفضة في إناء غيره، ثم توضأ به ولأن المكان شرط للصلاة، إذ لا يمكن وجودها في غير مكان والإناء ليس بشرط) (٢) .

بعض المستثنيات:

استثنى الفقهاء بعض الأشياء من المنع فأجازوا استعمالها. وسأعرض في هذا المطلب لجملة مما استثنوه من الأواني. فقد استثنى الحنفية حلقة المرآة من الفضة. قال أبو حنيفة لا بأس بحلقة المرآة من الفضة إذا كانت المرآة حديدا وقال أبو يوسف: لا خير فيه (٣) . وعند الشافعية والحنابلة يحرم تحليتها (٤) .

ونقل الحصكفي وابن عابدين وقاضي زاده أن صاحب الدرر، من الحنفية يقول: إن المنع من استعمال أواني الذهب والفضة إذا استعملت ابتداء فيما صنعت له بحسب متعارف الناس، وإلا فلا كراهة؛ ففي الادهان أن يأخذ آنية الذهب والفضة ويصب الدهن على الرأس أما إذا أدخل يده فيها وأخذ الدهن ثم صبه على الرأس من اليد فلا يكره لانتفاء الابتداء (٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>