للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أجاب ابن عابدين رحمه الله عن هذا القول. فقال (إن ما ذكره في الدرر من إناطة الحرمة بالاستعمال فيما صنعت له عرفا فيه نظر فإنه يقتضي أنه لو شرب أو اغتسل بآنية الدهن أو الطعام انه لا يحرم، مع أن ذلك استعمال بلا شبهة داخل تحت إطلاق المتون والأدلة الواردة في ذلك والذي يظهر لي على وجه لا يرد عليه شيء مما مر أن يقال إن وضع الدهن أو الطعام مثلا في ذلك الإناء المحرم لا يجوز لأنه استعمال له قطعا ثم بعد وضعه إذا ترك فيه بلا انتفاع لزم إضاعة المال فلابد من تناوله منه ضرورة فإذا قصد المتناول نقله من ذلك الإناء إلى محل آخر لا على وجه الاستعمال بل ليستعمله من ذلك المحل الأخر كما إذا نقل الدهن إلى كفه ثم دهن به رأسه أو نقل الطعام إلى الخبز أو إلى إناء آخر واستعمله منه لا يسمى مستعملا آنية الفضة أو الذهب لا شرعا ولا عرفا بخلاف ما إذا تناول منه ابتداء على قصد الادهان أو الأكل فإنه استعمال سواء تناوله بيده أو بملعقة ونحوها فإنه كأخذ الكحل بالميل وسواء استعمله فيما صنع له عرفا أولا) (١) .

وبالنسبة للشافعية حكى إمام الحرمين عن والده أبي محمد في المكحلة الصغيرة وظرف الغالية ترددا في جواز ذلك إذا كان من فضة. وأطلق الغزالي خلافا في استعمال الإناء الصغير كالمكحلة ولم يخصه بالفضة. وكلامه محمول على ما ذكره شيخه وهو التخصيص بالفضة. وحكى إمام الحرمين أن شيخه حكى فيه وجهين. وقال الإمام:والوجه القطع بالتحريم (٢) . وطريقة الخلاص من المعصية أن يصب الطعام أو الماء أو غيرهما في إناء آخر، ويستعمل المصبوب فيه (٣) . حكي أن فرقد السبخي، والحسن البصري، حضرا وليمة بالبصرة، فقدم إليهما طعام في إناء من فضة، فقبض فرقد يده عن الأكل منه، فأخذ الحسن الإناء وأكبه على الخوان وقال: كل الآن إن شئت (٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>