للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبناءً على هذا الترجيح فإن مبالغتهم في نفي إدراك العقل لحسن الأشياء وقبحها إنما هو منصب على الثواب والعقاب لا على مطلق الإدراك.

المبحث السابع: العقل عند الظاهرية

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: استعراض موقفهم من العقل

اشتهر عن أهل الظاهر عموماً إنكارهم حجية القياس في أحكام الشريعة حسب ما صرحوا به في كتبهم، حيث قال ابن حزم رحمه الله تعالى: (وذهب أصحاب الظاهر إلى إبطال القول بالقياس في الدين جملة، وقالوا: لا يجوز الحكم البتة في شيء من الأشياء كلها إلا بنص كلام الله تعالى، أو نص كلام النبي صلى الله عليه وسلم، أو بما صح عنه صلى الله عليه وسلم من فعل أو إقرار، أو إجماع من جميع علماء الأمة كلها مُتَيَقَّن أنه قاله كل واحد منهم دون مخالف من أحد منهم، أو بدليل من النص أو من الإجماع المذكور الذي لا يحتمل إلا وجهاً واحداً، والإجماع عند هولاء راجع إلى توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولابد، لا يجوز غير ذلك أصلاً، وهذا هو قولنا الذي ندين الله به) ((١)) .

والناظر لأول وهلة في هذا القول يظن أو يكاد يجزم أنهم أعداء لقضايا العقول وأبعد الناس عن أن يقيموا لذلك ميزاناً ومعياراً، ولكن هذا الظن أو ذاك الجزم وَهْم من الخيال إذ الحقيقة على خلاف ذلك تماماً، فالعقل عندهم محل للاعتبار وسمات هذا الاعتبار تتجلى فيما يلي:

السمة الأولى:

... أن ابن حزم رحمه الله تعالى عقد باباً في كتابه (الإحكام في أصول الأحكام) أثبت فيه حجج العقول، وتصدى بالرد على الذين أبطلوا حجة العقل، ووصف ذلك بأنه تمويه فاسد ((٢)) .

السمة الثانية:

<<  <  ج: ص:  >  >>