جدير بالذكر أن هذه الخلافات استمرت حوالي عشر سنوات ١٧٠ – ١٨١هـ / ٧٨٦ – ٧٩٧م (أي منذ بلوغ قسطنطين السادس سن الرشد حتى قرب دخول الجيش الإسلامي أفسوس) . وهذا يفيد انشغال إيريني بالأوضاع الداخلية فلم تلق بالاً للدولة البيزنطية، وكان همّها الأكبر أن تظل إمبراطورة من الناحية الرسمية والفعلية، وربما أثّر عدم اهتمامها بأمن بلادها على الشعب والجيش فلم يحرصا كذلك على الأمن، ولهذا كان دفاع الجيش عنها ضعيفاً، وهذا لا يعني ضعف استعدادات الروم وتساهلهم في قتال المسلمين، بدليل القتال المستمر بين الطرفين والانتصارات والهزائم والغنائم والأسرى، ولكن يبدو أنه لم يكن هناك جدّية في القتال من جانب الروم لا براً ولا بحراً. يذكر أحد المؤرخين (١) أنه في سنة ١٨٢هـ / ٧٩٨م حدث لقاء بين الأسطولين الإسلامي والبيزنطي في الخليج المقابل لمدينة أضاليا، هُزم فيه الأسطول البيزنطي هزيمة ساحقة، وأسر قائدهم البيزنطي ثيوفيلوس Theopilus.
ج – بين الرشيد وإيريني في الفترة - ١٨٣ – ١٨٦هـ / ٧٩٩ – ٨٠٢م:
أصبحت إيريني الحاكم الفعلي على الإمبراطورية البيزنطية بعد سمل عيني ابنها قسطنطين، ونعتت نفسها بأنها إمبراطور Basilieus لا إمبراطورة Basilissa (٢) ، والتمست الوسائل العديدة لتوطيد سلطانها، فتقربت إلى المسلمين بجزية سنوية مقدارها تسعين ألف دينار تدفعها كل سنة؛ لتوقف حملاتهم على بلادها، خشية تساقط المدن الرومية، مما يؤدي إلى ثورة الشعب عليها، وبالتالي زوال سلطانها، وبذلت الهبات والمنح لسكان العاصمة (بيزنطة) الذي يتوقف على رضاهم – إلى حدّ كبير – مصير حكومة قلقة غير مستقرة، وألغت ضريبة البلدية التي يدفعها سكان بيزنطة؛ لأنها تعتبر عبئاً ثقيلاً عليهم (٣) .