واستفادت الخلافة العباسية من هذا الصلح الذي عقد بين الرشيد وإيريني - والذي توقفت فيه الشواتي والصوائف على أرض الروم في الفترة بين ١٨٣ – ١٨٦هـ / ٧٩٩ – ٨٠٢ م – ففضلاً عن هذه الجزية التي تسلّم للخلافة العباسية – تسعون ألف دينار – مع بداية كل سنة، أتيح للرشيد – خلال فترة الصلح – أن يوجّه اهتمامه للخزر (١) ، الذين دخلوا سنة ١٨٣هـ/ ٧٩٩م على المسلمين من ثلمة (٢) أرمينية بأكثر من مائة ألف، وهدموا بعض المدن، وقتلوا عدداً من سكانها وأسروا آخرين، فاضطر الرشيد أن يوجّه قوات الخلافة العباسية عليهم، يقودها: خازم بن خزيمة (٣) ويزيد ابن مزيد الشيباني (٤) ، فطردوا الخزر من أرض المسلمين، وسدّت الثلمة، وأصلحوا ما خرّبوه (٥) . كما تفرغ الرشيد لتنفيذ بعض الأمور التي كانت تشغل باله ويتحين الفرصة المناسبة ليتخذ قراره بشأنها، ففي الداخل بدأ يتخذ خطوات فعالة للتخلص من نفوذ البرامكة (٦) وفي الخارج اتخذ هارون واحداً من أقوى المواقف التي تحسب له؛ إذ اعترف بالأغالبة (٧) أمراء مستقلون لشؤون تونس (أفريقية) ولكن في إطار التبعية الإسمية للخلافة العباسية (٨) .