واستجاب الزيريون لطلب أهل صقلية، فدخلها عبد الله بن المعز بن باديس الزبري على رأس جيش كبير،، والنتيجة، قتل أمير صقلية، ثم بعد ذلك يثور الصقليون على الأمير الزيري ويخرجونه من صقلية، حيث تقاسمها الولاة بعد ذلك (٢٢) .
فهذا القائد عبد الله بن منكود يستقل بمدينتي (مازر وطرابنش) ؛ وعلي بن نعمة المعروف بابن الحواس ينفرد (بقصريانة وجرجنت) وغيرهما، أما ابن الثمنه والذي لقب نفسه (بالقادر بالله) فقد سيطر على مدينتي (سرقوسة وقطانية)(٢٣) إلا أن الأخير كانت له السيادة والريادة بصفة عامة على جزيرة صقلية (٢٤) .
وتأتي الفرصة المناسبة لبداية سيطرة النورمان على صقلية أثر الخلاف الذي حدث بين ابن الثمنة، وابن الحواس (٢٥) ، حيث هانت البلاد على ابن الثمنة ليستنجد بالنورمان على ابن الحواس سنة (٤٤٤هـ / ١٠٥٢م) قائلاً لهم: (أنا أملككم الجزيرة)(٢٦) .
ويستغل النورمان تلك الفرصة، ويتحرك روجر النورماني من مدينة (مليطو) في إيطاليا الجنوبية، ومعه ابن الثمنه، ليسيطر النورمان على ما مروا عليه في طريقهم دون مقاومة تذكر (٢٧) .
ويحاول الزيريون مجدداً إنقاذ صقلية، فيرسلون إليها أسطولاً ضخماً، مشحوناً بالرجال والعتاد، فتستقبله الريح في البحر وتغرقه (٢٨) ، لتستمر بذلك الفرصة متاحة للنورمان في الاستيلاء على مدن ومعاقل صقلية، واحدة تلو الأخرى.
وتسقط جميع مدن صقلية بآخر معاقلها سنة ٤٨٤هـ / ١٠٩١م، ويملكها روجر النورماني، ويسكنها الروم والفرنج مع من بقي من المسلمين (٢٩) .
وبذلك سيطر المسيحيون على البحر المتوسط كأكبر نتيجة ترتبت على سقوط جزيرة صقلية، ولم نعد نرى الوقت الذي وصف فيه ابن خلدون النصارى بأنهم لا يستطيعون أن يطفوا لوحاً من الخشب في هذا البحر (٣٠) .