ويستمر حكم النورمان لصقلية – على خلاف بين المؤرخين – من سنة (٤٤٤هـ / ١٠٥٢م) إلى تولي هنري السادس وزوجته كونستانس عرش صقلية سنة (٥٩١هـ / ١١٩٤م) ، حيث أصبحت ضمن أملاك الإمبراطورية الرومانية.
مظاهر الوجود الإسلامي في صقلية
في عهد النورمان
يجدر بنا أن نشير هنا قبل الدخول في الحديث عن تلك المظاهر إلى الحديث عن مجتمع صقلية، فقد كان يتكون من المسلمين بعناصرهم المختلفة من العرب، والبربر، والفرس، ومن النصارى، واليهود (٣١) .
وهذا التعدد في الطوائف السكانية، وما يتبعه من اختلاف في العقائد والمذاهب، والتوجهات، والطموحات، كان لابد معه من تفكير ملي من جانب حكام صقلية الجدد لمحاولة السيطرة على الجزيرة والخروج بها بعيداً عن الصراعات الدينية والعرقية، والعنصرية.
وما يهمنا هنا بداية هو حال المسلمين مع أولئك الحكام النورمان، فقد خرج روجر الأول وهو أول حكام صقلية بعد سيطرة النورمان عليها، بفكرة وسياسة بقاء المسلمين في صقلية.
وأسباب تلك السياسة لا تغيب عن أذهان المنصفين، ذلك أن الإسلام بعقيدته ومبادئه وأهدافه وسلوكه ... هو دين الحياة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، فهو الدين الذي يدعو إلى التسامح، وإلى العلم، والعمل، والإخلاص والدقة فيهما.
والمسلمون هم الفئة المنتجة البناءة المخلصة في أي مجتمع يعيشون فيه؛ كما أنهم الأكثرية في المجتمع الصقلي هذا من جانب وفي الجانب الآخر فإن المسيطر الجديد (المستعمر) هم أقليه، وليست لهم حضارة كحضارة المسلمين في ذلك العصر والتي شملت كل مجالات الحياة.
إذاً التسامح مع المسلمين هو الأفضل، على الأقل في تلك الفترة الأولى بعد خروجها من أيدي المسلمين، ولكنه ليس تسامحاً مطلقاً بل اعتراه بعض صنوف الاضطهاد.