للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولولا الخبرات الملاحية التي ورثتها الغرب عن العرب، ومفهوم كروية الأرض، لما استطاع كولمبس المخاطرة في حوض الأطلنطي، أو خطر له مجرد تصور فكرة هذه الرحلة (٨٢) .

ونحن عندما نذكر تلك المقولات عن كتاب الادريسي فإننا نؤكد أن ذلك كان عملاً ضخماً من ثمار الوجود الإسلامي في صقلية في العهد النورماني، ونتيجة من نتائج تبني البلاط النورماني للعلماء المسلمين، وإكرامهم وتمكينهم من إظهار علومهم ومعارفهم.

ونختم الحديث عن الادريسي بالإشارة إلى أنه لم يكن جغرافيا فحسب، بل ألف وهو في ظل الحكم النورماني كتاباً في النبات والأعشاب، سماه، (جامع الصفات لأشتات النبات) (٨٣) ، وهو كتاب درس فيه كثيراً من النباتات وخاصيتها العلاجية. كما أنه له كتاب آخر عرف باسم (الأدوية المفردة) (٨٤) .

ومن هنا يتضح لنا أنه ألف في الطب وبالتالي فإنه يعد موسوعة جغرافية، طبية، كما هو حال كثير من علماء المسلمين الذين لا يؤمنون بالتخصص الضيق، بل إن أحدهم يصعب تصنيفه في مجال معين.

ويحتضن البلاط النورماني في عهد روجر الثاني عدداً من العلماء المسلمين حيث أغراهم بالبقاء لديه، وأكرمهم واستفاد من علومهم ومعارفهم.

ومن هؤلاء ذلك العالم المغربي – الذي نسى اسمه ابن الأثير – كما قال – والذي كان يحضره روجر، ويرجع إلى قوله، ويقدمه على من عنده من الرهبان والقسيسين، وذلك لثقته الكبيرة فيه (٨٥) .

ومنهم الأديب ابن قلاقس الاسكندري (٨٦) الذي جاء إلى البلاط النورماني حيث أجزلت له العطايا، ومدح روجر الثاني بعدة قصائد، فأكرمه على عادة الخلفاء والسلاطين والأمراء المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>