للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ملامح عهد غليالم الأول وتأثير المسلمين عليه، أنه كان يتكلم اللغة العربية، وكانت علامته (الحمد لله شكراً لأنعمه) (٠٠ (١) .

وبلغ تأثير المسلمين في صقلية على غليالم الأول، أنه ضرب نقوداً ذهبية، عربية في صيغتها، كما هو الحال بالنسبة لأبيه روجر الثاني، وقد لقب نفسه فيها بلقب (الهادي بالله) (١٠١) .

وقد كان غليالم الأول يعتمد على المسلمين في معظم مهام حكمه، وعلى وجه الخصوص في المهمات الدقيقة ومن ذلك أنهم كانوا ينضوون تحت لوائه لمقاومة الخصوم وإخماد نيران الفتن (١٠٢) . وهذه مهمة كبيرة وخطيرة في ذات الوقت، فلو لم يكونوا موالين له، لسهل عليهم نصرة خصومه.

ويستمر غليالم الأول في اتباع سياسة أبيه نحو إكرام العلماء والأدباء والشعراء، فها هو يكرم الشريف الإدريسي الذي يعيش في بلاطه، كما عاش في بلاط والده من قبل، ويطلب منه أن يؤلف له كتاباً، فيقبل الإدريسي حيث ألف له كتاب (روض الإنس ونزهة النفس) والذي اشتهر فيما بعد باسم (كتاب المسالك والممالك) (١٠٣) .وقد عثر على خلاصات من هذا الكتاب في مكتبة باستانبول (١٠٤) .

وما ذكرناه آنفاً ليس هو حال غليالم الأول مع المسلمين على الإطلاق، فهناك وجه آخر لسياسته مع المسلمين كما هو الحال مع من سبقه، ففي عهده ظهرت ملامح التعصب الاجتماعي، والعنصري ولم يستطع حماية المسلمين فأصبحت حياتهم في خطر.

كما أن المسلمين لم يستطيعوا حماية أنفسهم، بعد أن جردوا من أسلحتهم في أعقاب انتصار الموحدين في المهدية واستردادها.

وذلك الوضع في شمال إفريقية يعكس ما توقعه روجر الثاني كما سبق وأن أشرنا حيث كان يتوقع حدوث مثل ذلك من الموحدين بعد أن ظهروا كقوة كبيرة في شمال إفريقيا، وبالتالي تجريد المسلمين من أسلحتهم في صقلية وخاصة في مدينة بلرم العاصمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>