للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينتقل الحكم في صقلية إلى غليالم الثاني (٥٦٢ – ٥٨٥هـ /١١٦٦-١١٨٩م) وذلك بعد وفاة والده غليالم الأول وقد كان صغير السن حيث لم يبلغ سن الرشد، وتولت والدته الملكة مارغريت الوصاية على العرش؛ واتخذت رجلاً يسمى أسطفان، مستشاراً لها، والذي قام بمحاولة إعادة التوازن إلى جزيرة صقلية.

وقد هدأت النفوس أيام غليالم الثاني حتى أصبح عهده مضرب المثل في الهدوء والسكينة، حتى قيل (إن غابات صقلية في أيامه أكثر أمناً من المدن في البلاد الأخرى) (٠٩ (١) .

والحديث عن الوجود الإسلامي بجميع مظاهره في عهد غليالم الثاني، يرجع الفضل فيه إلى الرحالة ابن جبير الذي زار صقلية في سنة ٥٨٠هـ /١١٨٥م، وقدم لنا صورة مفصلة عن حياة المسلمين هناك، ولذلك سوف نستعرض وبإيجاز بعض ماله علاقة بموضوعنا من خلال رحلة ابن جبير، في حالتي التسامح والاضطهاد.

فقد أشار ابن جبير إلى حال المسلمين في عصر غليالم الثاني، وأنهم باقون على أملاكهم وضياعهم، والسيرة حسنة بين المسلمين والنصارى، عبدة الصلبان (١١٠) .

وهنا يذكر ابن جبير أن المسلمين يدفعون إتاوة للنصارى في فصلين من العام (١١١) . وفي تصوري أن هذا انعكاس للموازين فالمسلمون كانوا يأخذون من غيرهم الإتاوات، وهم الأعلون، ولكن تبدل الحال هنا في صقلية.

وقد آلم ذلك الوضع ابن جبير حيث قال: (وحالوا – أي النصارى – بينهم وبين سعة في الأرض كانوا يجدونها والله عز وجل يصلح أحوالهم ويجعل العقبى لهم) (١١٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>