وينتقل بعد ذلك إلى الحديث عن الملك النورماني غليالم الثاني، فيقول عنه:(وشأن ملكهم هذا عجيب في حسن السيرة واستعمال المسلمين، واتخاذ الفتيان المجابيب)(١١٣) . ويضيف قائلاً: إنه (كثير الثقة بالمسلمين، ساكن إليهم في أحواله والمهم من أشغاله، حتى أن الناظر في مطبخه رجل من المسلمين، وله جملة من العبيد السود المسلمين وعليهم قائد منهم، ووزراؤه وحجابه الفتيان، وله منهم جملة كبيرة، هم أهل دولته، والمرتسمون بخاصته وعليهم يلوح رونق مملكته، لأنهم متسعون في الملابس الفاخرة والمراكب الفارهة)(١١٤) .
ولذلك فقد كان له الجواري من المسلمات؛ واتخذ عيون دولته كذلك من المسلمين (١١٥) .
ويشير ابن جبير ومن خلال وصفه لمدن جزيرة صقلية إلى كثرة المساجد بها، وأن بعضها كان محاضر لتعليم الصبيان القرآن (١١٦) ، مما يشير إلى وجود عدد كبير من المسلمين في جميع مدن صقلية.
وقد كان الملك النورماني غليالم الثاني يقرأ ويكتب العربية، كما أنه اتخذ علامة هي (الحمد لله حق حمده) ، كما أنه سك عملة نقدية كتب على أحد وجهيها كلمة (الله) وتحت كملة (الله) كتب، غليالم الثاني (١١٧) .
وقد اهتم غليالم الثاني بالعلماء والحكام، حيث كان يستدعيهم إلى بلاطه ويغدق عليهم الأموال والأرزاق طمعاً في بقائهم لديه وتسلية لهم عن أوطانهم (١١٨) .
وقد امتدح ابن قلاقس الأسكندري الذي قدم إلى بلاط ملوك النورمان، كما سبق وأن أشرنا إلى ذلك، امتدح غليالم الثاني بقصيدة ذكر بعضها الصفدي، فكان مما جاء فيها قوله: