وقد حكى أبو حيّان التّوحيديّ عن أبي سعيد السّيرافيّ أنّه قال:((كان أبو بكر ضعيفاً في التّصريف، والنّحو خاصّة وفي كتاب الجمهرة خللٌ كثير.
[قال التّوحيديّ] : قلنا له: فلو فَصَّلْتَ بالبيان عن هذا الخلل، وفتحتَ لنا باباً من العلم. فقال: نحن إلى سَتْر زلاّت العلماء أحوجُ منّا إلى كشفها ... فلمّا نهضنا من مجلسه قال بعض أصحابنا: قد كان ينبغي أن نقول له: حراسةُ العلم أَوْلى من حراسة العالِم، وفي السّكوت عن أبي بكر إجلال، ولكن خيانة للعلم)) (١) .
وكان أبو عليّ الفارسيّ يعرّض بابن دريد ويَتَنَقَّصُ منه، ويقلّل من علمه بأصول الألفاظ (٢) .
وقال ابن جنّيّ:((وأمّا كتاب الجمهرة ففيه –أيضاً- من اضطراب التّصنيف وفساد التّصريف ما أعذر واضعه فيه لبعده عن معرفة هذا الأمر ... )) (٣) .
وقد رأيت في بعض مطالعاتي في ((الجمهرة)) شيئاً مما قيل، فأردت في هذا البحث أن أَتَبَيَّنَ ما جاء في هذا المعجم من خلل في الأصول واضطراب فيها، وأقف عن كَثَبٍ على أنواع ذلك الخلل، وأكشف عن أسبابه، من واقع النّصوص الواردة في أبواب الجمهرة، بعيداً عن العواطف، أو التأثر بأقوال العلماء مدحاً أو قدحاً.