ويلاحظ أنّ في أصل كلّ مادّة ثلاثية حرفاً صحيحاً واحداً، ومعه حرفان من حروف العلّة هذه، وهي (الهمزة والواو والياء) ولا تجتمع هذه الثّلاثة مع حرف صحيح في أصل كلمة واحدة في هذا الباب بل يأتي منها اثنان فحسب ليكملا مع الحرف الصّحيح الأصل الثّلاثيّ، ويتّضح هذا من تقليبات مادّة (ج أوى) مثلاً، وهي كما وردت في الجمهرة:(جوا) و (جأى) و (جوأ) و (وجأ) و (جيأ) و (جيا) وهذه التّقليبات السّتّة ثلاثيّة كما ترى، ولا اعتراض عليها، فهي توافق منهجه، ولا تخالف أبنية اللّغة وأصولها عند تطبيقها تطبيقاً صحيحاً، وقد سبقه إليها الخليل، فذكر في آخر كلّ كتاب من الثّلاثيّ باباً سماه:((باب اللّفيف)) وجعل الهمزة مع حروف العلّة (١) .
ولكن ثمّة اضطراب في الأبنية في هذا الباب عند ابن دريد، إذ يأتي –أحياناً– في بعض التّقليبات بأصول ليست من المادّة الّتي معه كقوله في مادّة (ف أوى) : ((فُوَّهة النّهر: الموضع الّذي يخرج منه ماؤه. وكذلك فُوَّهة الوادي ... وأفواه الطّيب واحدها فُوهٌ)) (٢) .
و ((فُوّهة)) و ((فُوه)) و ((أفواه)) ليست من هذه المادّة، فهي من (ف وهـ) ومكانها باب الثّلاثيّ المعتلّ، وَفْقَ منهجه، وليس الثّنائيّ المعتلّ.
وقال في مادّة (س أوى) : ((والسُّوس: هذه الدّابّة المعروفة. وساس الطّعام يَسَاس، إذا وقع فيه السّوس ... ويقال: سِيسَ الطّعام فهو مَسُوس ... وكذلك سَوَّس تسويساً ...)) (٣)
وكلمة السّوس وما تفرّع منها من مشتقات ليست من هذه المادّة، فهي من (س وس) ومكانها باب ((ما كان عين الفعل منه أحد حروف اللّين)) (٤) على منهجه، وهو من أبواب الثّلاثيّ، وقد ذكره هناك في موضعه (٥) .
وقال في مادّة (ط أوى) : ((والطُّوط: القطن ... وطاط الفحلُ إذا هاجَ ...)) (٦) .
وليس هذا من هذه المادّة بل هو من (ط وط) وهو كسابقه، وقد ذكره في موضعه (٧) .