ويتّفق الفريقان -منتقدو ابن دريد وممتدحوه- على أنّه كان ذا حافظة قويّة، أفاد منها في تأليف معجمه، فأملاه من ذاكرته إملاء، من غير نظر في شيء من الكتب، إلاّ في بابي الهمزة واللّفيف، فإنّه طالع لهما بعض الكتب (١) .
الفصل الثّاني خلل الأصول في الجمهرة
تقدّم أنّ ابن دريد خالف الخليل في منهجه، فقسّم ((الجمهرة)) تقسيماً بنائياً، فجاءت الأبواب الرّئيسة عنده ستّة وهي:
أبواب الثّنائيّ.
أبواب الثّلاثيّ.
أبواب الرّباعيّ.
أبواب الخماسيّ.
أبواب اللّفيف.
أبواب النّوادر.
وهذا الباب الأخير ليس من أبواب الأبنية، بل هو من أبواب الموضوعات –كما تقدّم– فلا يظهر فيه خلل الأصول خلافاً للأبواب الخمسة قبله، ولذا فإنّه من المناسب –في هذا البحث– أن نعرض خلل الأصول من خلال تلك الأبواب الخمسة الرّئيسة؛ ليكون الحكم عليها وَفْقَ منهج المعجم، ومفهوم صاحبه، وهو ما نأتي عليه في المباحث التّالية:
المبحث الأوّل: الخلل في الثّنائيّ وما ألحق به
في أبواب الثّنائيّ شيء غير قليل من الخلل في الأصول، وهو في جملته نوعان:
أحدهما: اضطراب الأصول في الثّنائيّ المعتل.
والآخر: الاضطراب في الرّباعيّ المكرّر، وفيما يلي بيانهما:
أوّلاً: اضطراب الأصول في الثّنائيّ المعتلّ:
أفرد ابن دريد الثّنائيّ المعتلّ بباب، ويعني به ما جاء فيه حرف واحد صحيح، ومعه حرفان من حروف العلّة الواو والياء وكذلك الهمزة، لأنّها من حروف العلّة عنده، ولهذا فإنّه يذكر رؤوس الموادّ (أصولها) على النّحو التّالي: (ب أوى) ، (ت أوى) ، (ث أوى)(ج أوى) ، (ح أوى) وهكذا، وهي ثلاثيّة الأصول، ويذكر لكلّ أصل منها تقليباته المستعملة فيه، ويترك المهمل.