((الجمهرة)) عند كثير من العلماء، الّذين أقرّوا له بالحذق والاستيعاب في العربية، والتقدّم في صناعة المعاجم، فأثنوا عليه. ومن حقّ ابن دريد علينا أن نذكر بعضهم إنصافاً له وللعلم:
فمن هؤلاء أبو عليّ القاليّ الّذي تتلمذ على ابن دريد، وتعلّم على يديه صناعة المعاجم، فأخرج معجمه ((البارع)) وكان كثير الثّناء على شيخه، ويصفه بأنّه:((إمام هذه العلم في عصره، ومنقطع القرين فيه في دهره)) (١) .
ولم يزل القالي يشهد لشيخه ابن دريد بثبات الذّهن، وكمال العقل، على الرّغم من علوّ سِنّه، ومناهزته التّسعين، وتعرّضه للأمراض، كالفالج وغيره، فيقول:((وكنت أسأله عن شكوكي في اللّغة، وهو بهذه الحال، فيردّ بأسرع من النَّفَس، بالصّواب. وقال لي مَرَّةً – وقد سألته عن بيت شعر: لئن طُفِئَتْ شحمتا عينيّ لم تجد من يشفيك من العلم)) (٢) .
ومنهم أبو الطّيّب اللّغويّ، ومما قاله عنه:((... فهو الذي انتهى إليه علم لغة البصريين، وكان أحفظ النّاس، وأوسعَهم علماً، وأقدَرَهم على شعر، وما ازدحمَ العلم والشّعر في صدر أحد ازدحامهما في صدر خلف الأحمر وأبي بكر بن دريد)) (٣) .
ومنهم أبو الحسن المسعوديّ، إذ قال ممتدحاً ابن دريد:((انتهى في اللّغة، وقام مقام الخليل بن أحمد فيها)) (٤) .
ومنهم أبو بكر الزّبيديّ، وهو القائل في ترجمته:((... وكان أعلم النّاس في زمانه باللّغة والشّعر وأيّام العرب وأنسابها وله أوضاع جمّة)) (٥) .
وكان أبو البركات الأنباريّ يقول عنه: إنّه ((من أكابر علماء العربيّة)) (٦) .
أمّا القفطيّ فجعله ((رأس أهل العلم، والمتقدّم في حفظ اللّغة وأشعار العرب)) (٧) .
وأثنى بعض علمائنا المعاصرين على ابن دريد (٨) ووصفوه بأنّه صدوق، حافظ، ضابط، مُتَحَرٍّ للصّواب فيما يرويه (٩) ، فتمكّن من علم العربيّة، وأنّ في الجمهرة ما يشهد بقدرته اللّغويّة.