وقوله:((الجَمْحَة: العين ... وإنّما أدخلناها في هذا الباب، لأنّه لا مذكر لها، فالهاء كالحرف اللازم)) (١) .
وقوله:((الحَسَكة ... الحقد في القلب، وأدخلناه في هذا الباب؛ لأنّه لا مذكر له من لفظه، إلاّ أن تقول: حَسَكٌ، تريد جمع حسكة)) (٢) .
وقوله:((درهم قَفْلَة؛ أي: وازن، الهاء أصلية، وهي هاء التّأنيث، لازمة له، لا تفارقه، ولا يقال: درهم قَفْلٌ)) (٣) .
وقوله:((الصُّفَّة: صُفَّة البيت، وصُفُّة السّرج. قال أبو بكر: وإنّما أدخلناها في هذا الباب؛ لأنّه لا مذكر لها، والهاء تقوم مقام حرف ثالث)) (٤) .
هذا شأنّ ابن دريد في هاء التّأنيث، ونقف معه هنا ثلاث وقفات:
الأولى: أنّ هذا الصنيع غير مألوف في صناعة المعاجم الّتي تقوم على الأصول، وليس له مبرر مقنع. أمّا دفاع المستشرق ((كرنكو)) عن ابن دريد في هذه المسألة، وذكره أنّ الدّافع لابن دريد في ارتكاب هذا هو جهل النّاس في عصره، وعدم استطاعتهم التّفريق بين ما فيه الهاء الأصليّة، وما فيه هاء زائدة للتّأنيث (٥) ، فأمر غير مقبول، لما فيه من إساءة الظّنّ بالنّاس؛ ولأنّه لايمكن أن يتّخذ جهل الجاهلين وسيلة لارتكاب مثل هذا الشّذوذ، في صنعة محكمة.
الثانية: أنّ ابن دريد اضطرب عند التّطبيق، فذكر ألفاظاً مؤنّثة بتاء لازمة في أصولها الصّحيحة، أي دون أن يعتدّ بالهاء، فذكر في مقابل ذلك ألفاظاً مؤنّثة بتاء ليست لازمة في أصل فيه الهاء، أو ذكرها في موضعين ك ((الغُصَّة)) ذكرها في (غ ص ص)(٦) و (غ ص هـ)(٧) و ((الشّقّة)) ذكرها في (ش ق ق)(٨) و (ش ق هـ)(٩) ومثل هذا كثير.