قد يتداخل أصلان لغويان في كلمة واحدة فيلتبسان، ك ((المدينة)) يتداخل فيها أصلان (م د ن) و (د ي ن) ويتداخل في كلمة ((الملائكة)) ثلاثة أصول: (ل أك) و (أل ك) و (م ل ك) ، ويتداخل في كلمة ((الذُّرِّيَّة)) أربعة أصول: (ذ ر أ) و (ذ ر ر) و (ذ ر و) و (ذ ر ي) وهذا باب واسع، لا يكاد يبرأ منه أحد من صنّاع المعاجم، ومنهم ابن دريد، فقد يضع الكلمة بسبب التّداخل في غير موضعها، وقد يضعها في موضعين.
ومما وضعه في غير موضعه بسبب التّداخل كلمة ((الغَوْغَاء من النّاس الّذين لا نظام لهم ... أُخِذَ من غَوْغَاء الدَّبَى)) أوردها في تقليبات مادّة (غ أوي)(١) من باب الثّنائيّ في المعتلّ.
وليست هذه الكلمة من هذا الأصل، وهي تحتمل أصلين، أحدهما ثلاثيّ، وهو (غ وغ) والآخر رباعيّ وهو (غ وغ و) ، ومن العرب من يجعلها بمنزلة ((عَوْراء)) فيؤنَّث، ولايصرف، فيقول ((غوغاءُ)) فالهمزة -حينئذ- زائدة، والأصل (غ وغ) .
ومنهم من يقول ((غَوْغَاءٌ)) بالتّذكير والصّرف، فهي عنده بمنزلة ((القَمْقَام)) و ((القَضْقَاض)) أي أنّه يجعل الغين والواو مضاعفين بمنزلة القاف والميم في ((القمقام)) والقاف والضاد في ((القضقاض)) وأصلها على هذا ((الغوغاو)) فقلبت الواو همزة، لتطرّفها بعد مدّ، فهي من باب الرّباعيّ المضاعف، وأصلها (غ وغ و) .
ولم يضعها ابن دريد في أحد هذين الأصلين، ولكنّه ابتدع لها أصلاً ثالثاً وضعها فيه، وهو (غ وى)
ووضع ((الشّاءَ)) -واحدها شاة، وصاحبها شاويّ- في تقليبات مادّة (ش أوي)(٢) من باب الثّنائيّ المعتلّ، وهي تحتمل أحد أصلين ثلاثيّين أحدهما أجوف، والآخر لفيف مقرون.
فالأوّل، وهو (ش وهـ) فيه تفصيل ذكره المبرّد (٣) ، ورجّحه العلماء (٤) ولا حاجة لذكره هنا.
والثّاني مذهب مرجوح، وهو أنّه لفيف مقرون من (ش وو) أو (ش وي) وقد فصّلت فيه في بحث ((تداخل الأصول)) (٥) بما لا حاجة لذكره هنا.