للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومما لا يدع مجالاً للشك أن لكل علم فلسفة لا تأتي إلا بعد اكتمال العلم وكذلك لكل علم أصول ومقومات لا يقوم إلا بها، فهي قوامه وعماده، التي لا غنى عنها ولا يتأتى إلا بها، ولا يكون العلم علماً إلا بها، وليس أدل على ذلك من موقف الكسائي الذي لم يكن يرى النحو إلا قياساً لذلك يؤثر عنه.

... إنما النحو قياس يتبع ... ... وبه في كل أمر ينتفع (١)

... وابن الأنباري أدرك تلك الأهمية لذلك يرى أن من أنكر القياس في النحو فقد أنكر النحو، لأن قولهم: نحن لا ننكر النحو لا نه ثبت استعمالاً ونقلاً لا قياساً وعقلاً، باطل لإجماع النحاة على أنه إذا قال العربي " كتب زيد " فإنه يجوز أن يسند هذا الفعل إلى كل اسم مسمى تصح منه الكتابة سواء كان عربياً أم أعجمياً نحو: زيد) و (عمرو) و (بشير) و (أرد شير) وإلى مالا يدخل تحت الحصر، وإثبات مالا يدخل تحت الحصر بطريق النقل محال، وكذلك القول في سائر العوامل الداخلة على الأسماء والأفعال الرافعة والناصبة والجازمة، فإنه يجوز إدخال كل عامل منها على مالا يدخل تحت الحصر فإنه يتعذر في النقل دخول كل عامل من العوامل على كل ما يجوز أن يكون معمولاً له (٢) .

... وخلاصة الأمر أنه يثبت أن النحو إذا بطل أن يكون رواية ونقلاً، وجب أن يكون قياساً وعقلاً، لأن عوامل الألفاظ يسيرة محصورة، والألفاظ كثيرة غير محصورة " فلو لم يجز القياس، واقتصر على ما ورد في النقل من الاستعمال لأدّى ذلك إلى ألا يفي ما تخص بما لا تخص وبقي كثير من المعاني لا يمكن التعبير عنها لعدم النقل، وذلك مناف لحكمه الوضع فلذلك وجب أن يوضع وضعاً قياسياً عقلياً لا نقلياً " (٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>