.. والقياس له عظيم الفائدة للغة وقواعدها فهو بمثابة شهادة ضمان للغة والدرع الواقي لقواعدها من اللحن والتحريف والزيغ وبه أغلقت الأبواب أمام عبث العابثين ولغو اللاغين، ولهو اللاهين، ونزق المستهزئين الذين يبذلون جهوداً ضخمة للتقليل من لغة القرآن لأنهم يدركون أن قوة الإسلام تكمن في لغته وبالتالي فهو بمثابة الضامن للغة حتى لانفتح أبواباً على اللغة من البلاء تسارع بها قدماً إلى الفناء، وقد وافق الدكتور إبراهيم أنيس المحدثين، وذهب إلى ما ذهب إليه المجددون من الباحثين الذين ينادون بإباحة القياس اللغوي للموثوق بهم من أدبائنا وشعرائنا، لا إلى جعل القياس في اللغة بأيدي الأطفال وعامة الناس كما هو الحال في كل لغة يترك أمرها لسنة التطور (١) .
... ومن الحقائق التي لا ينكرها أحد أن القياس له عظيم الفائدة فهو أدعى إلى الاختصار والإيجاز باعتباره يقيس الظاهرة على ظاهرة أخرى ويحكم لها بحكمها، فتأخذ الظاهرة المقيسة حكم الظاهرة المقاس عليها، ولا أبالغ إذ أقول إن القياس يساعد النحوي ويمكنه من تقرير وإثبات القواعد بل وارتجالها ارتجالاً كأنه ينتشل من بحر لا من بئر تضطرب فيه الأرشية، وقد أدرك القدماء فائدته لذلك يقول أبو علي الفارسي " أخطئ في خمسين مسألة في اللغة، ولا أخطئ في واحدة من القياس "(٢) ويقول عنه ابن جنى " مسألة واحدة من القياس أنبل وأنبه من كتاب لغة عند عيون الناس "(٣)
وأشار إلى أهمية القياس الشيخ محمد الخضر حسين، حيث يرى أن القياس طريق يسهل به القيام على اللغة بحيث يكون وسيلة تمكن الإنسان من النطق بآلاف من الكلم والجمل دون أن تقرع سمعه من قبل أو يحتاج إلى الوثوق من صحة عربيتها، إلى مطالعة كتب اللغة والدواوين الجامعة لمنثور العرب ومنظومها (٤) .