للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١- إنه مشكوك فيه إلى حد كبير، ويرجع هذا الشك إلى أسباب كثيرة، أهمها عدم قدرة المترجمين أنفسهم على الإحاطة بالتراث اليوناني..

٢- أنه يرتكز على دعامتين لا سبيل إلى تجريده منهما: ميتافيزيقا أرسطو، واللغة اليونانية التي ينبني المنطق في جانب كبير من تحليلاته للقضية عليها.

٣- شكلية هذا المنطق، فهو مجرد من كل عنصر مادي، بل مجرد ميزان صوري شكلي يراد به استعماله في العلوم على اختلافها، فهو ميزان عقلي صرف.

٤- أنه لا يتسم في ذاته - بالسلامة أيضاً.

ومن الطبيعي أن ينشب الصراع حاداً بين هاتين المدرستين في أواخر القرن الثاني الهجري، واستمر في بعض الحالات إلى القرن الرابع، وفي حالات أخرى طيلة القرن الخامس أيضاً (١) .

وكان النحو أحد العلوم العربية التي تأثرت في هذه المرحلة بالفكر الإغريقي بمعطياته الميتافيزيقية وقوانين المنطق فقد تأثر فيها التفكير النحوي في جملته ببعض الأفكار الفلسفية اليونانية كما تأثر بعض النحاة بالبناء المنطقي لهذا الفكر، وكان لهذا صداه الخافت أولاً في دراسات النحاة لظواهر اللغة التركيبية وتقنينهم لها، ثم تدخل آخر الأمر في مجال تقنين الظواهر وتفسيرها وتحديد أصولها جميعاً (٢) .

ويمكن أن نلمس بذور التأثير المنطقي في القياس في هذه المرحلة، فقد كان هذا التأثير (على حد تعبير الدكتور أبو المكارم) " أشبه بتسلل الحذر منه باقتحام القادر " (٣) ومع ذلك " فطن كثير من النحاة – وبخاصة في بداية هذه المرحلة – إلى أن الغزو الفكري يمكن أن يبدأ بالتسلل، فهاجموا الاتجاهات المنطقية نظراً وتطبيقاً.. لكن هذا الموقف ما لبث أن تغير في أخريات هذه المرحلة، إذ اكتفى النحاة برفض المنطق نظرياً في الوقت الذي قبلوا فيه بعض نتائجه تطبيقياً" (٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>