للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي القرآن الكريم من التَّلَطُف في الأسلوب ما يدلُّ على كريم العبارات ونبيل الألفاظ، من نحو قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرثَكُمْ أَنَّى شِئتُمْ} (١) وقوله تعالى: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّساء} (٢) ، وقولِهِ: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} (٣) ، وقولِهِ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةََ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} (٤) ، وقوله: {فَتَحْرِيْرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسا} (٥) . وقد كنى القرآن الكريم عن العمليّة الجنسية (العلاقة بين الرجل والمرأة) بألفاظٍ كريمة هي: السّر والحرثُ، والملامسة، والإفضاءُ، والرفثُ، والدخول، وغيرها (٦) .

التَّلَطُف لغة واصطلاحا

التَّلَطُف في اللغة من مادةِ ((لطف)) والمادةُ كما يرى ابنُ فارس تدورُ حول معنىً عامٍ واحدٍ هو الترفقُ (٧) .

وفي التهذيب للأزهريّ: يروى عمروُ عن أبيه أنَّه قال: اللطيف: ((الذي يُوصِل إليك أَرَبك في رفق ... واللطيف من الكلام ما غَمُضَ معناه وخفي)) (٨) ، وزاد في اللسان: والتَّلَطُف للأمر: الترفق له (٩) . وفي أساس البلاغة للزمخشريّ: ((ومن المجاز ... وتلطفتُ بفلانٍ: احتلتُ له حتى اطّلعتُ على أسراره)) (١٠) .

وفي معجم ألفاظ القرآن الكريم لمجمع اللغة العربية، والتَّلَطُف في قوله تعالى: {فَلَيَأتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ} (١١) أىّ وليترفّق في الحصول على ما يريد (١٢) .

ومما سبق يتضح لنا أنّ التَّلَطُف في اللغةِ يعني الترفق، غيرَ أنّه ترفقٌ لا يعدم الحيلة والفطنة والذكاء.

وقد فطن القدماء من علماء العربية لهذه الظاهرة ودرسوها تحت مباحث الكناية وأنواعها ودوافعها، واستعملوا بعض المصطلحات المتصلة بها مثل: تحسين اللفظ، وتلطيف المعنى، والكنايات اللطيفة، والتعريض، يقول المبرد:

<<  <  ج: ص:  >  >>